فكون الناس شعوباً وقبائل هي كلمة الله وهي صبغته التي لن تجد لها تبديلاً، وهي ما يحقق استمرار الحياة، بخلاف العولمة التي تريد أن تجعل الناس امة واحدة(ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)، فمشيئة الله ضد هذه المحاولة القسرية لجعل الناس جميعاً في بوتقة واحدة، في ظل احادية الثقافة واحادية النظرة واحادية القانون، أما إذا تجاوز حده قوة أو ضعفاً كان التدخل باقامة السدود والقنوات من هنا كان ادعاء الليبراليين ومن هذا التصور، ان مهمة الدول هي الحراسة، اي الدولة الحارسة، كما يطلقون عليها. ان القول بالفيزقية، سوف يلغي بداهة ما وراء الفيزيقا، أو ما يعرف في مباحث الفلسفة(الميتافيزيقا)، وما نقرّه نحن المسملين تحت موضوع الغيب، فكل مانما عن الادراك الحس، وكل ما لا يقبل التموضع لا يمكن أن يقبل إلاّ باعتباره وهماً وفي احسن الاحوال ميتافزيقياً. هنا ندرك موقف فلاسفة الليبرالية من التاريخ، فمثلما دعا بيكون إلى رفض المعرفة القبلية باعتبار تصنف تحت اوهام واصنام(اوهام السوق، والمسرح، والكهف… الخ)، وان الإنسان لا يمكن له ان يكون(علمياً)، إلاّ إذا ترك هذه التي اعتبرها اوهاماً، حيث يتلقف جون لوك هذا الرأي فيقول بأن(الإنسان ـ صفحة بيضاء)، وهذا يعني بوضوح انكار كل ما من شأنه ان يساهم في تكوين الذات الإنسانية، وبعبارة أخرى فإن الفلسفة الليبرالية تعتمد الفردية(Individualism)، أي تحول الفرد إلى مجرد رقم أو شيء، وهذا الفهم بداهنه ينكر، كما اشرت ان يكون الإنسان ذاتاً، وان هذه الذاتية لا تكون إلاّ بحكم العلاقات الاجتماعية، بدءاً من الأسرة إلى الأمة، إلى العالم.