وتعلم زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ اللغة السريانية من اليهود بأمر من النبي ـ صلى الله عليه وسلم.([54]) وعرف من هذا أن غير المسلمين لا يتحررون في شؤونهم التعليمية فحسب وإنّما لا يشين انعقاد الروابط العلمية المتبادلة بين المسلم والكافر. الحرية الدينية، لاشك أن الكفر والشرك والإلحاد معتقدات باطلة من الأباطيل، فمن أعرض عن عقيدة التوحيد يحرم من النجاة الأخروية، ولكن يحق لجميع أفراد العالم أن يظل على عقيدته ودينه الذي يدينه، قال تعالى:(لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)([55]). وقال تعالى مخاطبا نبينا عليه الصلاة والسلام:(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)([56]). وكذلك يحق للجميع العمل بدينه، قال تعالى:(لنا أعمالنا ولكم أعمالكم)([57]). حتى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن بعض غير المسلمين لتأدية عبادتهم في مسجده النبوي، قال: ابن القيم الجوزية:(وقد مكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفد نصارى نجران من صلاتهم في مسجده إلى قبلتهم)([58]). وكذلك يحق لكافة الوحدات الدينية حماية معابدهم وصيانتها، قال تعالى:(ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوى عزيز)([59]). من أجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا ابرم العهود مع غير المسلمين، يصرح فيها أن لا يتدخل في شؤونهم الدينية، والهدنة التي اتفق عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابرمها مع أهل نجران وردت بالصيغة التالية:(ولنجران وحاشيتهم جوار الله تعالى وذمة محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنفسهم وأموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم