الإسلام لم يباشر توزيع الطبقات باعتبار المهنة والحرف مثلما بوشر في الديانة الهندوسية، حيث وزع النوع البشري فيها باعتبار المهنة إلى أربع طبقات، ومثلما وزعهم أفلاطون في كتابه(الجمهورية) إلى أن الحكام والولاة خلقوا من الذهب، والمستشارون للولاة ووزرائهم ومعاونوهم من الفضة، والفلاحون وأهل الحرف والمهنة من الحديد والنحاس. وإنّما الإسلام ينظر إلى البشر بأنهم جميعا سواء في أصلهم، ويحق لكل واحد منهم أن يختار ما يشاء من المهنة حسب رغباتهم وميولهم وقدراتهم ومواهبهم، ولا فارق فيه بين المسلم والكافر، ونجد في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجود تجار، وفلاحين، والنجارين والحائكين وأصحاب صناعات الأقمشة وغيرها من غير المسلمين أيضاً، ولم تكن في ذلك العهد وسيلة، لكسب المعاش إلاّ من هذه الوسائل المعتادة. نعم إن كان أحد لا يتأهل لعمل، وبدأ يمتهن بمهنته، ويباشر العمل بدون تأهل، ويخشى منه لحوق الضرر بالناس، فالمباشر والممتهن مسلما كان أو كافرا يحظر منه ويلزم عليه بتركه، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:(من تطيب ولم يعلم منه قبل ذلك الطب فهو ضامن)([50]). والإسلام أعطى الجميع حق الدراسة وأخذ العلوم فقال صلى الله عليه وآله وسلم (العلم فريضة على كل مسلم)([51]). وقال في حديث آخر(الكلمة الحكمة ضالة المؤمنين)([52]). وهذا الحكم عام يشمل الجميع، ويستوي فيه المسلم والكافر، والذكر والأنثى، والثرى والفقير، وكانت في المدينة مدرسة لليهود تحمل اسم(بيت المدارس) عاينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! ودبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعليم الجيل المسلم وأطفال المسلمين، ووضع تراتيبه من أسارى بدر المشركين، وجعله فدية لهم([53]).