الحياة في أزمنة وأمكنة كثيرة، لأنها تحفظ المباني العامة الأساسية للحياة الزوجية، فتأتي الشروط بعد ذلك لمعالجة ما يطرأ أو يحتمل حدوثه في ظروف معينة. إشكالية جمود الفهم للنص إننا لا نعاني من جمود النص ولكن من جمود الفهم للنص عند البعض، خاصة عند سلوك التجزيئية في فهم النصوص، وذلك بعزل النص عن النصوص الأخرى، والتمسك بظاهره من دون أن ينسجم مع النظرة الكلية له مع غيره، فعندما نقرأ قوله تعالى:(الرّحْمنُ على الْعرْش اسْتوى)([338])، ونفسر العرش بكرسي الملك، والاستواء بالجلوس عليه، ما يعني أن الرحمن قد جلس على كرسي له شكل وحدود، فإن المفسر يقع في مأزق التجسيم للخالق، لكن لو ربطنا الآية بقوله تعالى:(وهُو معكُمْ أيْن ما كُنْتُمْ)([339]) يتضح أنه في كل مكان، ولا يحده مكان، فيكون المقصود بالتأويل أنّ الله عزّ وجل مسيطر من موقعه كخالق على الكون، وما استخدام ألفاظ العرش والاستواء إلاّ لتقريب الفكرة إلى الأذهان كي تستوعبها. وكذلك عندما نحمّل التجارب التاريخية مضموناً مقدساً بجعلها بمصاف النص القطعي الصدور والدلالة، فإننا نجمّد الفهم الديني ونحاصره بمسلّمات لم تثبت، ومثالها طبيعة الدولة الإسلامية، هل هي حكومة بنمط الخلافة من حيث التنظيم والإدارة ومفردات تدبير شؤونها؟ أم أنّها تحمل مرونة الالتزام بضوابط الحكم العامة من تطبيق تعاليم الإسلام واستقامة الحاكم وأولوية الكفوء وغيرها من الشروط؟ تكفي المقارنة بين واقع المجتمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وواقع المجتمعات اليوم، ليتبيّن استحالة تطبيق تنظيم دولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمفرداتها وآلياتها على