الدولة المعاصرة بتعقيداتها وتشعباتها وعدد سكانها وترابطها مع دول العالم.ولا تجبرنا النصوص على التقيد بنمط معين، وهذا منسجمٌ مع قدرة الإسلام على مواكبة الحياة. فالحكم الإسلامي حكم بالمضمون الشرعي من دون أي تقييد للآليات التنظيمية المساعدة لتحقيق هذا المضمون، باستثناء ما شكّل منها عائقاً أمام تحقيق المضمون، الذي يكون رفضه لتسبيبه حرفاً عن الهدف المنشود. وبما أنّ شكل آليات الحكم متعددة، فبإمكان الفقهاء دراسة الشكل الملائم وإخضاعه للتجربة، وإجراء التعديلات المناسبة عليه، وإخضاعه للتطوير الدائم، وهي إجراءات لا تضر بأصل الشكل الذي استنتجه المجتهد، بل تنسجم مع المعالجة الواقعية لمستلزمات المجتمع الذي يطبق شكل الحكم هذا. لقد رسم الإمام الخميني(قده) عناوين عامة لإقامة الحكومة الإسلامية، ودعا لها بتبيان شرعيتها ووجوبها، ومع قيام الدولة الإسلامية في إيران، اختار لها شكلاً رئاسياً بانتخابات شعبية للرئيس، ومجلساً للشورى كممثل للشعب عن طريق الانتخاب، ومجلساً لصيانة الدستور لضبط شرعية الأحكام المقررة في مجلس الشورى، ومجلساً لتشخيص المصلحة لدراسة الأولويات التي تستدعي فك النزاع بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور في إطار ما للولي الفقيه من صلاحية لحسم الموقف، ويرعى الدولة ولي للأمر يمتلك صلاحيات الضبط لمسار الدولة الإسلامية، وقد أطلق على هذا التنظيم العام المعتمد اسم الجمهورية الإسلامية كخصوصية تختلف عن جمهوريات الغرب. هذا كله في منطقة الفراغ التي تملأ بحسب الزمان والمكان وتقدير المصلحة، والتي يمكن أن يطرأ عليها تعديلات كثيرة، أو اختيار نماذج تنظيمية مختلفة في بلدان أخرى، من غير الوقوع في أسر الشكل المعتمد، فلا قداسة للشكل التنظيمي للدولة الذي يكتسب أهميته من اختيار الفقيه له، ليلائم مصلحة منشودة في بلد ما.