التخفيف في كثير من الأحيان، وإلى التشدد والتضييق في بعضها. أمّا السبب الداعي للتأكيد على منهجية استكشاف الحكم الشرعي فلأن هذه المنهجية تضع الفقيه أمام طريق للاستنباط يختلف عنه فيما لو كان اهتمامه التخفيف. وبما أننا نؤمن بسماحة الشريعة ويسرها، فالمطلوب استكشاف مضامينها التي تؤدي إلى التسهيل بشكل طبيعي. وهنا يساعد التجديد في لفظ ما تراكم من انحرافات أو تشويهات أو أخطاء في الفهم الديني، كما يؤدي إلى التخلص من التقليدية والجمود لاكساب الفهم الديني حيوية تتلاءم مع اكتمال الدين وثباته، فهو استجابة لتحديات الواقع الإنساني المتحرك، وهو السبيل لامتداد الدين الكامل وثوابته إلى الميادين الجديدة والأمور المستحدثة. فالمطالبة بالتجديد لا يعني تجديد الدين، وإنّما تجديد فهم الدين، بالاستفادة من صلاحيته ونصوصه، ودعوات التجديد موجّهة إلى الفقهاء والباحثين ليوفروا الشروط الموضوعية وفق المناهج المقبولة في عملية الاستنباط، كي يقدموا استنتاجاتهم، قليلة كانت أو كثيرة، عاديّة كانت أو استثنائية. ومن الخطأ أن يتحول التجديد إلى عقدة تُطيح بما بين أيدينا، أو تثير إشكالات الشك ببعض الأحكام لمجرد الإحساس باحتمال أن يكون الموقف الشرعي غيرها، أو أن نعيش ضغوطات الواقع في أسئلة لا تجد حلولاً منسجمة مع رغباتنا، ففي هذا الأسلوب خطر كبير، لأنّه يهز الثقة بالشريعة وقدرتها على مواكبة الحياة، ولا يقدم في المقابل فهماً مقنعاً، فيتحول تطبيقها في حياة الناس عقوبة وليس حلاً، لوجود شك في أهليتها بصيغتها المطروحة.