والسؤال المطروح: هل نعتبر الأحكام الشرعية المقبولة في زماننا هي التي تلائم رغباتنا وتخلصنا من بعض الإحراجات العملية؟ أو أننا نعتبرها منظومة كاملة لبناء الإنسان وتوجيهه فيما يعجبه وما لا يعجبه؟ بتعبير آخر: هل نريد الأحكام متوافقة مع الهوى والاتجاه المادي الذي انتشر انتشاراً واسعاً في زماننا فأوجد أسئلة معاصرة؟ أم نريدها لتعالج لنا ما نشخصه من مشاكل فردية واجتماعية وفق ما يتحمل النص من قابلية لذلك وفي المساحة المتاحة للاختيار؟ ليس وارداً على المستوى المنهجي أن نغلّب الهوى على الشرع، وإلاّ كانت الحلول من مبانٍ أخرى لا علاقة لها بالشريعة. لكنّ المطلوب أن نحدّد المشاكل المستعصية والأسئلة المستجدة، وأن نعتمد في تحديدها على دراسات وإحصاءات اجتماعية منهجية، وأن نصنفها في أبوابها الفردية والجماعية، العائلية والاجتماعية، السياسي والاقتصادية والثقافية… الخ، ثم تعرض بين أيدي الفقهاء والمختصين، مع كل الحيثيات الزمانية والمكانية التي تساعد على استكناه طبيعة المشكلة وحجم انتشارها، ليجمع الفقيه بين إلمامه بطبيعة السؤال المطروح، وإلمامه طبعاً باستنباط الأحكام الشرعية، معتمداً في ذلك على ما تراكم من تطور في حركة الاجتهاد، ومستفيداً من المناهج والآليات الحديثة الملائمة مع هذه الحركة، وعند بروز قضية معقدة يُتوقع لها حلٌ ما، لكنّ الفقيه لم يتمكن من الوصول إليه بما بين يديه، عندها من المفيد عقد لقاءات أو مؤتمرات، أو كتابة أبحاث متخصصة حول موضوع معين، لاستكشاف الحلول الممكنة. لكن عندما يتبين أن جميع المحاولات لم تنتج الحلول التي يتمناها البعض، فقد تكون حكمة التشريع بأن ينحصر الحل بما استنبطه الفقهاء سابقاً، وعندها يمكن أن تتجه المعالجة إلى جهة أخرى تحيط بالمشكلة المطروحة، لتعالج بعض المقدمات