من دائرة الصحة، والأمر نفسه يتكرر في علم الرجال بتحديد الثقة، ومتى يؤخذ بخبره ومتى لا يؤخذ، وهكذا نجد المنهج مؤثراً في عملية الاستنباط. تجديد الفهم للدين من الطبيعي أن يكون التجديد سمة دائمة في فهم الدين، لسببين جوهريين: الأول: صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، فمع اختلاف الزمان تستجد أمور، وتتغير معطيات، وتتضح خفايا، ما يستدعي الإجابة على الأسئلة المعاصرة، سواءًا المثارة منها حول قضايا قديمة، أو المستجدة منها بسبب تغير الزمان. ومع اختلاف المكان، تتفاوت الأعراف ومجالات الاهتمام، ما يستدعي مواكبة متطلباته على أساس الشريعة. وبما أن الشريعة قد ارتكزت على الثوابت والمتغيرات، فدائرة التجديد في المتغيرات مرنة وطبيعية، تتطلب من المهتمين بذل وسعهم للاستفادة منها، فإذا قصّروا، حُرمت الأمة من فعالية ومواكبة الإسلام للحياة، وعندها لا تكون المشكلة من عدم قدرة الإسلام على مواكبة الحياة المعاصرة، وإنّما من عدم قدرة المسلمين وقلة سعيهم لمواكبة حاجاتهم في الحياة المعاصرة. الثاني: وجود دائرة كبيرة من النصوص ظنية الدلالة أو ظنية الصدور، ووجود مساحة واسعة للمباحات، وكذلك للمستحبات والمكروهات التي يغلب على تحديدها في كثير من الأحيان التسامح في أدلة السنن، وهذا ما يمكّن الفقيه من التحرك بشكل واسع في استنباط الأحكام الشرعية، والبحث الدقيق عمّا يساعده للاستفادة من معانٍ لم تكن مستنتجة، أو أحكام لم تكن مستنبطة، أو دلائل لم تكن ظاهرة، وهو بذلك يواكب العصر، لا على قاعدة البحث عن تخفيف التكاليف الشرعية، بل على قاعدة التدقيق في فهم أفضل وأوثق واستنباط الحكم الشرعي من مظّانه للاقتراب من الحكم الواقعي الذي قد يؤدي إلى