والحكمة والموعظة الحسنة والاستفادة من التجارب وإعادة الإنسان إلى فطرته السليمة، وهذا ما يتطلب عملاً هادئاً ومحسوباً برفق، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرّهوا عبادة الله إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت، الذي لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى)([337]). فإذا سلك المرء طريق الإيمان فسيجده يسيراً وطبيعياً ليصبح بعد ذلك نمطاً عادياً في حياته. النص محور التشريع لقد حققت أطروحة الإسلام بمحورية اهتمامها بحقيقة الإنسان قدرة على تشكيل النظام الأصلح له، خاصة بمعالجتها لثوابت متطلبات الفطرة بثوابت التشريع، وتركت المجال مفتوحاً بمرونة أمام المتغيرات المرتبطة بالزمان والمكان، وشكّل النص الشرعي هيكل الأوامر والنواهي، ليحقق طريق الهداية الموضوعي والواقعي، فلم يُترك الإنسان لقدره ليبحث عن الحل، بل وضعت له الخطوات الضرورية لهذا الحل من خلال منهج الإسلام. فالنص محور التشريع، وهو قرآني أو من السنة الشريفة(بما تتضمن من أقوال وأفعال وتقرير). أمّا القرآن فقطعي الصدور عن الله جلّ وعلا، وآياته: واضحة الدلالة وظاهرة الدلالة، فما كانت دلالتها واضحة فهي ثابتة المعنى، وتدل على مراد الشارع الجدي، وما كانت دلالتها ظاهرة فهي التي تحتمل التأويل، وتجري عليها قواعد اللغة وأصول الفقه لتحديد معناها الظني، الذي يمكن أن يطابق الواقع المراد أو أن لا يطابقه، لكنّ بذل الوسع في استنباط المعنى المراد هو المطلوب، ويتأثر الاستنباط بسعة علم المفسّر أو المجتهد وإلمامه بكل الخصوصيات التي لها علاقة بالموضوع، فالنص القرآني الثابت بدلالته غير قابل للاجتهاد، والظاهر بدلالته قابل للاجتهاد وفق المعايير المعتمدة لا بشكل استنسابي.