تعْلمُهُمْ نحْنُ نعْلمُهُمْ سنُعذّبُهُمْ مرّتيْن ثُمّ يُردُّون إلى عذابٍ عظيمٍ)([333])، وقد تحدثت سورة التوبة عنهم وعن أفعالهم بإسهاب. واختلف حال المؤمنين في بدر عن أحد، ففيما تميّزوا بإيمانهم في معركة بدر حيث كان الواحد منهم بعشرة من الكفار في القوة والشجاعة والفعّالية:(يا أيُّها النّبيُّ حرّض الْمُؤْمنين على الْقتال إنْ يكُنْ منْكُمْ عشْرُون صابرُون يغْلبُوا مائتيْن وإنْ يكُنْ منْكُمْ مائةٌ يغْلبُوا ألْفاً من الّذين كفرُوا بأنّهُمْ قوْمٌ لا يفْقهُون)([334])، أصبح الواحد منهم باثنين في معركة أحد، بسبب ما دخل في نفوسهم من حب الدنيا، والتراجع في مستوى إيمانهم واندفاعهم نحو التضحية:(الآن خفّف اللهُ عنْكُمْ وعلم أنّ فيكُمْ ضعْفاً فإنْ يكُنْ منْكُمْ مائةٌ صابرةٌ يغْلبُوا مائتيْن وإنْ يكُنْ منْكُمْ ألْفٌ يغْلبُوا ألْفيْن بإذْن الله واللهُ مع الصّابرين)([335]). فالتجربة الإسلامية متحركة، وتختلف من مجتمع لآخر، ومن زمان لآخر، وتتبع فهمها ومستوى الاستجابة لها، كما تتأثر بعدد المنتمين إليها والفرصة التي تهيأت لهم للتربية بتعاليم الإسلام، فالمؤمنون في مكة المكرمة تميّزوا بنماذجهم الراقية، فهم قلّة تربوا على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ظروف صقلت شخصيتهم، وكذلك كان الأنصار في المدينة المنورة حيث حسُن إسلامهم أكثر مما كان عليه الحال مع قريش، فأبلوا بلاء حسناً وأقاموا دولة الإسلام، لكنّ فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة استقطب أعداداً كبيرة من سكان الجزيرة العربية فدخلوا في دين الله أفواجاً،(إذا جاء نصْرُ الله والْفتْحُ(1) ورأيْت النّاس يدْخُلُون في دين الله أفْواجاً)([336])، ما جعل الفرصة لاستيعابهم تعاليم الإسلام قليلة، فأثار بعضهم مجموعة من السلبيات مما حملوه معهم من جاهليتهم. ولا نقول بسهولة الالتزام الديني، خاصة مع وجود المعيقات التربوية والمجتمعية التي تحاصر الالتزام وتعارضه، لكنّنا نثق بالقدرة على تحقيقه بالصبر