قال تعالى:(وابْتغ فيما آتاك اللهُ الدّار الآخرة ولا تنْس نصيبك من الدُّنْيا وأحْسنْ كما أحْسن اللهُ إليْك ولا تبْغ الْفساد في الأرْض إنّ الله لا يُحبُّ الْمُفْسدين)([325]). وقال:(قُلْ منْ حرّم زينة الله الّتي أخْرج لعباده والطّيّبات من الرّزْق قُلْ هي للّذين آمنُوا في الْحياة الدُّنْيا خالصةً يوْم الْقيامة كذلك نُفصّلُ الآيات لقوْمٍ يعْلمُون(32) قُلْ إنّما حرّم ربّي الْفواحش ما ظهر منْها وما بطن والإثْم والْبغْي بغيْر الْحقّ وأنْ تُشْركُوا باللّه ما لمْ يُنزّلْ به سُلْطاناً وأنْ تقُولُوا على الله ما لا تعْلمُون)([326]). فالاتجاه الإسلامي يركّز على ضبط سلوك الإنسان في الدنيا، وعدم إطلاق العنان لملذاته وشهواته، فما حُرّم هو ما منعه الله تعالى لضرره وسلبيته ووجود مصلحة في ذلك، علماً بأن المنع عن بعض الأمور سلوك بشري في كل الأمم والتعاليم، التي قد تحرّم ما أحلّ الله، وقد تحلل ما حرم الله، وقد تتلاقى في بعض الضوابط مع تعاليم الإسلام، ما يؤكد على الحاجة الطبيعية لحماية الإنسان بهذه الإجراءات. وحتى الغرب الذي أعطى الجسد الكثير، فقد وضع بعض القيود لحقوق الفرد كي لا تتعارض مع حقوق الآخرين، وركّز على أهمية الإلتزام بالقانون الذي يحكمها، والذي يحدد ضوابط العلاقات بين الأفراد في المجتمع ومع الدولة. فالخلاف حول الضوابط، وعلى كل طرف أن يثبت مدّعاه ومنطلقاته في نظرته إلى الدنيا، فلا معنى للقول بأن "الاتجاه المادي واقعي والاتجاه الإلهي مثالي"، إلاّ إذا كان المقصود بالمثالي الوصول للحياة الأفضل والأمثل، لأن الاتجاه الإلهي واقعي بانسجامه مع متطلبات الإنسان، وهو أكثر واقعية من الاتجاه المادي، لأنّه يتعاطى مع حقيقة الإنسان وحاجاته، من موقع المعرفة والعلم، ومن موقع الخالق مع مخلوقه. أمّا الاتجاه المادي، فهو اتجاه تجريبي جاهل بحقيقة الإنسان، يتعرّف عليه تدريجياً، ويجرب الحلول ويغيرها باستمرار، ولا يُعبر عن نظرة واحدة عند جميع