عالمية الإسلام ولعلّ أفضل تعبير لوصف الدين الإسلامي الذي يواكب الأمور الأربعة المذكورة، ويحقق لكل واحد منها دائرته الملائمة، أن نقول بأنّ "الإسلام دين الفطرة"، وقد قال تعالى:(فأقمْ وجْهك للدّين حنيفاً فطْرة الله الّتي فطر النّاس عليْها لا تبْديل لخلْق الله ذلك الدّينُ الْقيّمُ ولكنّ أكثر النّاس لا يعْلمُون)([318])، وهو بذلك دين العقل والعاطفة، دين تنظيم حاجات الجسد والروح، دين الكمال الإنساني من أي زاوية ننظر من خلالها إلى الإنسان وبتكامل الزوايا مع بعضها البعض. لقد توجّهت الرسالة الإسلامية إلى الإنسان، ولم تقتصر على جماعة دون أخرى، فقال تعالى:(وما أرْسلْناك إلاّ رحْمةً للْعالمين)([319])، ووردت آيات كثيرة تتحدث مع الناس بلغة الحوار والاقناع والدليل: (يا أيُّها النّاسُ قدْ جاءكُمْ بُرْهانٌ منْ ربّكُمْ وأنْزلْنا إليْكُمْ نُوراً مُبيناً)([320]). (قُلْ يا أيُّها النّاسُ إنْ كُنْتُمْ في شكٍّ منْ ديني فلا أعْبُدُ الّذين تعْبُدُون منْ دُون الله ولكنْ أعْبُدُ الله الّذي يتوفّاكُمْ وأُمرْتُ أنْ أكُون من الْمُؤْمنين)([321]). (يا أيُّها النّاسُ ضُرب مثلٌ فاسْتمعُوا لهُ إنّ الّذين تدْعُون منْ دُون الله لنْ يخْلُقُوا ذُباباً ولو اجْتمعُوا لهُ وإنْ يسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شيْئاً لا يسْتنْقذُوهُ منْهُ ضعُف الطّالبُ والْمطْلُوبُ)([322]). فهي رسالة عالمية، انطلقت من شبه الجزيرة العربية لتخاطب الشعوب والقوميات والأعراق والأجناس، على أساس أن المكانة العليا للأتقى:(يا أيُّها النّاسُ إنّا خلقْناكُمْ منْ ذكرٍ وأُنْثى وجعلْناكُمْ شُعُوباً وقبائل لتعارفُوا إنّ أكْرمكُمْ عنْد الله أتْقاكُمْ إنّ الله عليمٌ خبيرٌ)([323])، وهي بذلك تكون متحررة من أسر المكان لتشمل العالم، ومن اسر الزمان لتشمل كل العصور، بما فيها العصر الحديث، إذ أنها