مثل هذه الحالات، حيث لا يستقيم اختيار أو ثبات أو مبدأ من دون هذه القاعدة الملائمة للفطرة الإنسانية وضوابط العقل في التفكير، والمطبقة عملياً في كل مجالات الحياة. فمن اختار المبدأ الرأسمالي أو الشيوعي، اختاره في أصوله وسلّم بتفريعاته، فالالتزام بمادية الإنسان في كل منهما، يجعل التفاصيل التي تُغرق الجسد في الملذات نتيجة طبيعية لاستبعاد الحساب في الآخرة ونهائية الحياة في الدنيا، ولو لم يعجب البعض نتائج هذا الغرق في الملذات، فإنه عاجز عن تغيير مسارٍ نتج عن قاعدة كلّية، ومهما كان الهامش متاحاً فهو أسير هذه القاعدة. والالتزام بمحورية الملكية الفردية يستبع الإحتكار الجشع، والتفاوت الاجتماعي، وتأثير رأس المال على السلطة والقوانين مهما كانت الإجراءات الواقية من هذه النتائج لمن يرفضها، علماً بأن كتلة المصالح لفئة مسيطرة من الناس تجعلها مشروعة عندهم من ضمن النظام العام، وهم الأقدر على الدفاع عنها. وكذلك الالتزام بمحورية ملكية الدولة، وحرمان الفرد من الملكية الخاص بأداء حدّي وقمعي، يعطل الحوافز الفردية، ويُفقر المجتمع، ويحصر الثروة بالسلطة الحاكمة باسم حماية ملكية الدولة، ويخالف الفطرة في طموحاتها ومتطلباتها، ومهما حاول البعض تلطيف النتائج، فإن الخط العام حاكمٌ ومؤثر، وقد فشلت الشيوعية فشلاً ذريعاً بسقوط الاتحاد السوفيتي، الذي كشف البنيان القائم على أعمدة غير ثابتة، وما نريد الاعتبار منه هو ارتباط التفاصيل والفروع مع أصولها، حيث يكون التسليم بها أمراً طبيعياً بعد القناعة بالأصول. وهذا لا يعني أن العقل لا يقتنع بتفاصيل الفروع في الإسلام، فهي تنسجم مع التفكير السليم بكليّاتها وأبعادها وأهدافها ونتائجها، لكنّنا نتحدّث عن