هي للّذين آمنُوا في الْحياة الدُّنْيا خالصةً يوْم الْقيامة كذلك نُفصّلُ الآيات لقوْمٍ يعْلمُون(32) قُلْ إنّما حرّم ربّي الْفواحش ما ظهر منْها وما بطن والإثْم والْبغْي بغيْر الْحقّ وأنْ تُشْركُوا باللّه ما لمْ يُنزّلْ به سُلْطاناً وأنْ تقُولُوا على الله ما لا تعْلمُون)([317]). إنّ الطبيب المعالج لأمراض الجسم، يُوضح للمريض بعض أسباب المرض وكيفية تأثير الدواء في تحقيق العلاج، لكنّه يحتفظ لنفسه بالكثير الكثير نتيجة علمه وإطلاعه، في مقابل جهل المريض، وعدم قدرته على استيعاب كل شيء، بل وعدم الضرورة لذلك، إذ أنّ الهدف هو العلاج الذي يقع على عاتق الإخصائي، والمهم أن يتحقق العلاج لا العلم بتفاصيله. فكيف بمعالج الجسد والروح وتعقيدات وتشابك النفس الإنسانية؟ حيث تكون المهمة أصعب، والهدف أنبل، والنتيجة سعادةٌ أو شقاء. فالأولى أن يكون الإتجاه للهداية بالطرق الملائمة الموصلة إليها ببعض علم وكثير تسليم. وهذا هو دين المسار الإنساني في تنظيم الحياة، فالمدير في المدرسة، والقائد في المعسكر، والحاكم في الرعية، والأب في الأسرة، ورب العمل في مصنعه، يتصرفون بتنظيم وتوجيهات لا تخضع للجدل، لحسن الإدارة وتحقيق الأهداف وإلاّ إنهار النظام العام، وما تعتمده الشريعة، يحقق تنظيماً لحياة وسلوك الإنسان يوصله إلى الطمأنينة والسعادة. بين العقلنة والتسليم إنّ حكم العقل في أصول الدين يستلزم تسليماً بفروعه، ويكون تدخله في الفروع لاستنباطها واستخراجها من مظانها لتحديد التكاليف المطلوبة بعد الحكم على شرعيتها، فمع إثبات المشروعية وحدود التكاليف لا مجال لإخضاعها مجدداً لحكم العقل بالقبول أو الرفض، فهذا مخالف للمنهج البشري المعتمد في