الطريقة خلل منهجي واضح. إذ تتحدّث آيات القرآن عن موضوعات شتّى ولأهداف عدة نذكر بعضها: منها ما يتوجّه إلى العقل مباشرة لاندراجها في العقيدة، كإعطاء الدليل على اليوم الآخر في الإجابة على من أنكره(وضرب لنا مثلاً ونسي خلْقهُ قال منْ يُحْيي الْعظام وهي رميمٌ(78) قُلْ يُحْييها الّذي أنْشأها أوّل مرّةٍ وهُو بكُلّ خلْقٍ عليمٌ)([300]). ومنها ما يؤسس لآيات الأحكام ونظام العبادات، حيث المصلحة بالالتزام بها، لخصائص وأسرار فيها لا يدركها الإنسان، ولفوائد عملية بتطبيقها في حياته، كالأمر بإقامة الصلاة بالكيفية التي اختارها الله تعالى، وبالأوقات المحددة لها يومياً،(أقم الصّلاة لدُلُوك الشّمْس إلى غسق اللّيْل وقُرْآن الْفجْر إنّ قُرْآن الْفجْر كان مشْهُوداً)([301])، وقال تعالى:(إنّ الصّلاة تنْهى عن الْفحْشاء والْمُنْكر)([302]). ومنها ما يحدد الأخلاق الفاضلة المنسجمة مع النموذج الأفضل لسعادة الإنسان والمجتمع، ما يوفّر التجارب الكثيرة لاستكشاف الأسس التربوية السليمة، كالنهي عن الغيبة:(ولا يغْتبْ بعْضُكُمْ بعْضاً أيُحبُّ أحدُكُمْ أنْ يأْكُل لحْم أخيه ميْتاً فكرهْتُمُوهُ)([303])، والمبادرة إلى الأحسن:(ولا تسْتوي الْحسنةُ ولا السّيّئةُ ادْفعْ بالّتي هي أحْسنُ فإذا الّذي بيْنك وبيْنهُ عداوةٌ كأنّهُ وليٌّ حميمٌ)([304])، والتوازن في الإنفاق:(والّذين إذا أنْفقُوا لمْ يُسْرفُوا ولمْ يقْتُرُوا وكان بيْن ذلك قواماً)([305])… الخ. ومنها ما يسرد وقائع التأريخ، وقد حصلت بالفعل، بصرف النظر عن كونها وردت في كتب أخرى أو خالفتها أو نقلت أحداثاً غير مألوفة، فعلمها عند الله تعالى، فهو الذي أخبرنا عن إدعاء فرعون للألوهية:(فقال أنا ربُّكُمُ الأعْلى)([306])، وطول عمر قوم نوح عليه السلام ومنهم نوح عليه السلام:(ولقدْ أرْسلْنا نُوحاً إلى قوْمه فلبث فيهمْ ألْف سنةٍ إلاّ خمْسين عاماً)([307]).