إن مشكلة الحوار لا تنحصر بما بين الإيمان والكفر، بل تشمل كل مواقع الحياة وكل الأطراف، سواءً أكان الاختلاف في الأصول أو في الفروع، وسواءً أكان الاختلاف بين المؤمنين بالرسالات السماوية وأصحاب الرأي والفكر أو داخل المذهب الواحد والجماعة الواحدة. وبإمكاننا تضييق فسحة الخلاف، عندما نحسم منهجية البحث وقواعد التفاهم ونقاط الإلتقاء،ثم نستخدم المصطلحات التي تحمل مضموناً واضحاً متفقاً عليه، ليسهل الخطاب بلُغة واحدة وفهم واحد، وعلى هذا فقد نجد أنفسنا بحاجة إلى نقطة البداية، قبل أن نبني على المقدمات المطوية، وإلاّ وقعنا من اللحظة الأولى في مأزق تباين النتائج بسبب تباين الرؤى. الإختلاف أمر تكويني لكنّ جميع محاولات عقلنة الحوار لا توحّد البشرية في نهاية المطاف، لأن العقل يمثل قدرة الإدراك، أمّا النتائج المُدركة فخاضعة للمقدمات وللطريق الموصل إليها. فمع اختلاف المقدمات تختلف النتائج، ومع اختلاف منهجية البحث والتحليل تختلف النتائج أيضاً. وما أودعه الله تعالى في فطرة الإنسان، قدرته على الفهم والإدراك وعقل الأشياء، وكذلك وجود المعلومات الضرورية(البديهية) التي تنطلق منها كل الأحكام، أمّا ما زاد عنها فهو إكتسابي، يقل أو يكثر تبعاً لجهد الإنسان في التحصيل وسعة تجاربه في الحياة. فإذا كانت المقدمات محدودة وضعيفة، كانت النتائج كذلك، وإذا كانت المقدمات خاطئة أو ملتبسة، كانت النتائج كذلك، هذا إذا كان المنهج المعتمد في التفكير سليماً، فإذا كان خاطئاً، فإنّه يطيح أيضاً بالمقدمات الصحيحة التي لا