فنتّبع آياتك ونكُون من الْمُؤْمنين(47) فلمّا جاءهُمُ الْحقُّ منْ عنْدنا قالُوا لوْلا أُوتي مثْل ما أُوتي مُوسى أولمْ يكْفُرُوا بما أُوتي مُوسى منْ قبْلُ قالُوا سحْران تظاهرا وقالُوا إنّا بكُلٍّ كافرُون)([288]). ثالث النماذج، إستبدال الحوار والدليل بالمغريات والمكاسب، فإن لم تنفع أصرّ القوم على موقفهم ورفضهم للحق. فقد اجتمع زعماء قريش في ناديهم بعد إسلام عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حمزة بن عبد المطلب(رض)، وكلفوا عتبة بن ربيعة عرض أمور على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليتخلى عن دينه، فذهب إليه، ومما قاله له: "يا بن أخي، إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد مُلكاً ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع ردّه طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه…". فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلاوة سورة فصلت:(بسم الله الرحمن الرحيم"حم(1) تنْزيلٌ من الرّحْمن الرّحيم(2) كتابٌ فُصّلتْ آياتُهُ قُرْآناً عربيّاً لقوْمٍ يعْلمُون(3) بشيراً ونذيراً فأعْرض أكثرهُمْ فهُمْ لا يسْمعُون(4) وقالُوا قُلُوبُنا في أكنّةٍ ممّا تدْعُونا إليه وفي آذاننا وقْرٌ ومنْ بيْننا وبيْنك حجابٌ فاعْملْ إنّنا عاملُون) إلى آية السجدة، فسجد ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك. عاد عتبة إلى قومه فقال: قد سمعتُ قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها بي، وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ منه نبأٌ عظيم، فإن تُصبْه العربُ فقد كُفيتموه بغيركم، وإن يظْهر على العرب فمُلْكُه مُلْككم، وعزُّه عزُّكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه"([289]).