القرآن(قالُوا بلْ نتّبعُ ما ألْفيْنا عليْه آباءنا)، أي قادتنا ومن اتخذناهم قدوتنا بما اعتدنا عليه لسنوات طويلة. والمنتمي إلى جماعة بسبب ظروفه، أو مكان سكنه، أو بيئته الاجتماعية، أو قناعاته التي تكوّنت لديه بحسب ما توفّر لديه من معطيات ومعلومات، لا يسلّم بأخطاء التفاصيل والسلوكيات المتّبعة، بل يدافع عنها بعصبية بالغة، ليحافظ على متانة منظومته الثقافية والعملية أمام التحديات، فضلاً عما تحمله التفاصيل من إلتزام تسليمي كجزء من الإنضباط العام في الطريق المختار. هنا يُفترض بنا أن نعود إلى الأسس التي انطلقت منها الجماعة لنناقشها، فإذا انهارت أمام الأدلة، لم يعد لباقي المنظومة قدرة على الصمود، وعندها يقف المؤمن بها أمام خيارين: إمّا التسليم والتخلي عنها واختيار ما يرشد إليه العقل، وإمّا التعصب ورفض التغيير لما اعتاد عليه والإنتقال من الحوار إلى التزمُّت والتمسك بما هو عليه، على قاعدة(بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) أي جماعتنا وحزبنا، مهما كانت آراؤهم وسلوكياتهم،لأنهم اعتادوا عليها وعطّلوا قابلية وشجاعة التغيير. أمّا الشريحة الأوسع في العالم، فهم الذين تلقوا من أسرهم مقدمات تعليمية وتربوية تحوّلت إلى مسلّمات، وترسّخت إلى درجة عطّلت معها قدرة العقل على التفكير والإختيار الحر، وذلك بترسيخ مجموعة من القناعات والسلوكيات التي تحوّلت إلى مقدسات في بيئتهم، وهي نتاج أصول إعتقادية تعود إليها منظومة الثوابت والتفاصيل والتقاليد، فلا بدّ من العودة إليها لنقاشها قبل الغرق في التفاصيل،وغالباً ما يكون الدافع(بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) فيُواجه حوار هذه الأصول بالتعصب، ما يؤدي إلى صعوبة في التغيير. وعلى الرغم من تأكيدنا للعودة إلى الأصول في الحوار العقلي، فهذا لا يعني رفض النقاش في التفاصيل والجزئيات حيث يمكن ذلك، بل لا نريد أن تمنع