تعطيل مسار عقله نحو الحقيقة، قال تعالى:(أفلمْ يسيرُوا في الأرْض فتكُون لهُمْ قُلُوبٌ يعْقلُون بها أو آذانٌ يسْمعُون بها فإنّها لا تعْمى الأبْصارُ ولكنْ تعْمى الْقُلُوبُ الّتي في الصُّدُور)([277]). وقال جلّ وعلا:(ومثلُ الّذين كفرُوا كمثل الّذي ينْعقُ بما لا يسْمعُ إلاّ دُعاءً ونداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فهُمْ لا يعْقلُون)([278]). هذا العقل الذي تدرك به النفسُ العلوم الضرورية والنظرية، هو الحجة البالغة على الإنسان، ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة، وأمّا الباطنة فالعقول"([279])، وهو الذي يقود إلى الفلاح أو الإنحراف، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لمّا خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال: وعزّتي وجلالي، ما خلقت خلقاً هو أحب إليّ منك، ولا أكملته إلاّ فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أُعاقب، وإياك أُثيب"([280]). إنّه الدليل الذي لا يخيب، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "العقل دليل المؤمن"([281])، ولا أمل في التوصل إلى النتيجة الملائمة والحكم الصحيح على الأشياء من دون العقل، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يفلح من لا يعقل"([282]). تقليد الآباء ولعلّ أخطر ما يصيب عقل الإنسان، رفض الاستماع إلى البراهين والأدلة، وتعطيل نتائج الحوار والنقاش مسبقاً، بالتصميم على القناعات التي تربّى عليها منذ الصغر في بيئته، والتي شكّلت له مقدمات خاطئة لا تؤدي إلاّ إلى نتائج خاطئة. فهو لا يبني مواقفه على قواعد منهجية، ولا يمتلك قدرة الدفاع عن فكره وسلوكه، وعندما ينكشف حاله يرد الأمر إلى تقليد الآباء والمحافظة على الموروث، ليقفل باب الحوار بسدّه عند حدود ما نشأ عليه واعتاده،(وإذا قيل لهُمُ اتّبعُوا ما