وقد بشّرت أميركا وحلفاؤها بالازدهار والتقدم الحضاري على طريقتها الأميركية كما توعدت بالويل والثبور من يقف أمام إرادتها الاستكبارية الجامحة، ففي حرب العراق على سبيل المثال كان هناك نمطان للمثوبة ـ أشرنا إليهما سلفاً ـ أما الجحيم فكان من نصيب العراق، كما أنه من نصيب كل دولة ترفض الإيمان بالهيمنة الأمريكية، طالما أن هذه البلاد المغضوب عليهاـ العراق ـ ليس لديها القدرة على رفض هذا الجحيم. أما الفردوس الأرضي الأميركي فهو حالة الرخاء التي تبشّر بها حركة الأمركة بعد تحرير التجارة ورؤوس الأموال، ناهيك عن الفردوسات العاجلة من منح و مساعدات توزّعها هنا وهناك ضماناً للموالاة، وفي مقابل ذلك إرهابها من عواقب عدم الرضوخ. إلاّ أن أميركا وحلفاءها الغربيين وأذنابها الأقليميين تغابوا كثيراً عندما تصوروا أنهم قادرون على صناعة هوية جديدة وتحميلها على المجتمعات الإسلامية، وهي في زهو صحوتها وتجدد أصالتها الدينية ووعيها لمهامها الرسالية الذي جسدته بروح المقاومة العنيدة، رغم كل ما تمارسه انظمتها الحاكمة من أساليب القمع للرأي ومحاصرة فكرها وثقافتها الإسلامية وردع حركتها الرسالية، وأبرز نماذجها المعاصرة الجمهورية الإسلامية في إيران بتيارها الثوري شعباً وقيادة، ولبنان برمزه الرائد حزب الله، وفلسطين بفصائلها الجهادية المقاومة، والعراق الذي ما إن سقط حكم الطاغية صدام حتى هدرت ملايينه بندائها الخالد: »نعم نعم للإسلام... كلا كلا لأميركا وصدام« الذي ظلّ حوالي 34 عاماً حبيس الصدور المعذّبة والأفواه المكتومة، وهكذا كان شأن الملايين من المسلمين في مختلف بلدان العالم الإسلامي التي عبّرت بوضوح عن استطالة عصر الشعوب