سنة 1960 أمكن رأب الشرخ فتمكن النساء والأقليات بعد الكفاح القوي من المساواة في الحقوق المدنية([179]). فالملونون في الولايات المتحدة ما كان لأولادهم أن يتعلموا في مدارس البيض. وليس لهم حق في الانتخابات إلى سنة 1960. أما في العلاقات الدولية فإن الاستعمار لم ينتشر في العالم إلاّ عندما أخذت أوروبا بالديموقراطية. والهيمنة القاسية، واستلاب حق الشعوب، والمأساة الإنسانية في فلسطين كلها بغطاء الديموقراطية. أريد أن أبين ما أقصده جيدا من العدالة بضرب أمثلة بسيطة تكون لها دلالتها الواضحة. إن الذي يريد أن يسبق من كان قبله ليستأثر بمقعد في الحافلة هو غير عادل وظالم، إن الذي يحدث ضوضاء وقت ما يكون الناس نياما هو ظالم لهم، إن الذي يتملق السلطة وينشر أخبارا غير صحيحة ولا دقيقة هو ظالم للمجتمع، إن الذي يزيف الحقائق في الإعلام هو ظالم للذين خدعهم، إن الذي يعمل على منع الأنثى من مممارسة حقوقها هو ظالم لها وللمجتمع معا. وقس على هذا المنوال ما يكشف لك بأدنى تأمل أن العدل هو الأساس، وأن طرق تطبيقاته السياسية والاجتماعية كثيرة، والديموقراطية مقبولة إن كانت تحت غطاء العدالة، وإلا فهي نوع من التزييف والخداع. إن العالم الإسلامي لو قدم مثالا للعالم على التزامه بالعدالة واحترامه لها لكان ذلك من أهم العوامل المحققة لعالمية الإسلام. وإن أعظم ما ينفر من الإسلام، وما يطعن به خصومه فيه، هو الصورة الواقعية للمسلمين الذين بتوالي قبولهم للمظالم المتنوعة هانت نفوسهم، وابتعدوا عن مقاعد العزة. يقول المتنبي: من يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميت إيلام