ثانياً: الإصلاح الاجتماعي المبني على تربية الأجيال على حب العدل والتزامه مما تذوب معه الأنانية الطاغية، حتى يستحي الفرد من الظلم ويمقته في أصغر الأشياء وأعظمها على السواء. ويشمل ذلك الأسرة في حقوق الذكر والأنثى والوالدين والأولاد والزوج والزوجة. ويشمل ذلك أيضاً العلاقات الاجتماعية في المدينة والدولة والملك العام والملك الخاص. لقد تكرر الأمر في القرآن بالعدل وتكرر النهي عن الظلم. وقد يخيل لبعض الناس أنه ظلم الحاكم أو رجل القضاء. وهو فهم ساذج. فالله يقول:(ولا يجرمنكم شنآن قوم على إلاّ تعدلوا اعدلـوا هو أقرب للتقوى)([177]). ويقول رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أعطوا الطريق حقه([178])، فالعدل لا يتبع عواطف الحب ولا البغض، والطريق ككل المصالح العامة التي ينتفع بها المواطن يحتم على المستفيد أن لا يظلم فيتجاوز حقه في الاستفادة. ينوه معظم المفكرين والكتاب بالديموقراطية، ويعتبرونها السبيل الوحيدة للحق والرفاه. والديموقراطية لها أشكالها المتعددة، بل إن شكل الديموقراطية في البلد الواحد يتطور تطورا كبيرا تكاد معظم ملامحه تتغير مع التقدم الزمني، ولو قارنت أوضاعه الحاضرة مع أوضاعه السابقة لانكشف لك فيه من النقائص والظلم الشيء الكثير. أم إذا نظرت في تطبيقاته في العلاقات الدولية وجدته لا يختلف عن بقية الأنظمة. يقول الكاتب جوهيا مورافشيك: إن الديموقراطية الحديثة ولدت سنة 1776، في شعب الولايات المتحدة الأميركية الحر. ولم يكن تعداد السكان يبلغ مليونين. ولم يكن كل المواطنين يتمتعون بحق الانتخاب، ففي بعض الولايات لا ينتخب إلاّ الرجال، وفي بعضها لا يتمتع بحق الانتخاب إلاّ من يملك ضيعة، ويقول إنه بواسطة انتصارات حركات الدفاع عن الحقوق المدنية