فهذا أمر بالتمسك بسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعبادة الله وحده وإن نعبد الله كما شرع على الوجه الذي شرع. فلا مغالاة ولا تفريط ولا مزايدة، نحكم ديننا في عقولنا ونخضع ألسنتنا إلى ما تمليه عقولنا: (فالعقل مع النص يعد أداة للفهم معزولة عن التصرف ومع المجملات ميزان للترجيح يدخل في حسابه المصلحة والضرورة والزمان والمكان والحال ويميز بين الخير والشر، وبين خير الخيرين وشر الشرين. لذلك غلب صواب الصحابة على خطأهم في الفهم وفي الاجتهاد)([5]) كما يقول الإمام محمد البشير الإبراهيمي. إن هذا المؤتمر العلمي الهام هنا في طهران حلقة جديدة في سلسلة الجهود المضنية المتواصلة التي تبذل لبناء جسور التقارب والتفاهم بين العلماء والفقهاء وأهل الرأي والفكر، وإقناع المتباعدين بأن الخلاف الفقهي في الفروع لا يمكن أن يكون سبباً للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى التنافر وإثارة الخصومات والأحقاد والعصبيات. وفي هذا الطريق انعقد بالجزائر في شهر محرّم الماضي مؤتمر التفاهم بين المذاهب الإسلامية، وأشرف على رعاية افتتاحه السيد عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية، وعكف المشاركون فيه على دراسة الوسائل التي تحقق هذا التفاهم المنشود، وأقروا توصيات هامة في الموضوع سيجد مؤتمركم فيها ما يعزز نتائجه، وقبل ذلك انعقدت في الجزائر مؤتمرات وملتقيات فكرية إسلامية دولية (ابتداء من شوال 1388/ديسمبر 1968) أعدادها بلغت حوالي ثلاثين مؤتمراً وملتقى، وكلها انصبت على معالجة هموم المسلمين في دينهم وأخلاقهم، ودعت إلى التعاون فيما يقع عليه الاتفاق، ويعذر بعضنا بعضاً فيما فيه الاختلاف… فالمذاهب الإسلامية لا تختلف في أُصول الدين، بل كلها تتفق على وحدانية الله وعلى أن محمداً رسول الله، وعلى كل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، فلا يختلف الشيعي عن السني في الأخذ بما شاء في كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وهذا من أعظم نعم الله على المسلمين لأنهـم لا يختلفـون في كتـاب الله،