ولا يختلفون في سنة رسول الله، لكن ملفات الثقافة الإسلامية وما فيها من فكر وفقه وعلم ماتزال تنتظر التجديد وتبحث عن المعاصرة في بنائها الفكري ومنهجها العملي. إن التطور السريع يهز العالم من مختلف جوانبه، ولا يمكن العلماء والفقهاء أن يبقوا جامدين يجترون ما انتجه السابقون، وإنما يتعين عليهم ان يجددوا عقولهم ويجددوا مناهج تربيتهم وتعليمهم، ويجتهدوا من أجل أن تكون لهم القدرة على مجابهة أعباء الحياة، وتجديد شبابها وإثراء حضارتها، ولابد لهم أن يستعملوا عقولهم، لأنه متى تعطل العقل عن الحركة توقف القلب عن النبض، وخيم القحط والجمود عليها، وتراجع التطور إلى الوراء، واضطربت القيم، وضاعت مقاييس الوعي والإدراك وحرمت الجماعات الإنسانية من نور الهداية الفكرية وإشعاع الإيمان العقلي. وإذا كان التطور السريع في الحياة المتجددة يفرض على علماء الإسلام ان يسايروه بالاجتهاد فإن ذلك لا يعني أنهم يمكنهم أن يشرعوا في كل شيء ويبدلوا كل شيء، وإنما يقومون بذلك في الحدود التي حددها الكتاب والسنة، لأن الإسلام حدد الأحكام وأصول التشريعات، ولم يترك الناس يشرعون لأنفسهم في كل شيء، ولم يقيّدهم بتشريع معين في كل شيء… ولكن بين أحكام قضايا لا تستقل العقول بإدراك الخير فيها، ولا تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، وفوض إلى أصحاب المصلحة والاجتهاد ما ليس كذلك من القضايا … الخلاصة: ويستخلص مما سبق أنه يتعين وضع خطة عملية الغرض منها اتخاذ اجراءات دقيقة تكفل لنا النجاح فيما نتفق عليه في هذا المؤتمر المبارك عملاً بما جاء في الآية الكريمة: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)([6])، فلا نكتفي بالقول ونهمل النزول إلى الميدان ويمكن تقسيم هذه الخطة إلى واجهتين أساسيتين هما: ـ وجهة تتعلق بالعالم الإسلامي.