وقد يكون السبب في عدم أخذه بالجدية الكافية، من قِبَل الحوزة حتى الآن، هو تأثير العادة والألفة التاريخية الطويلة لنمط الاجتهاد السائد من جهة، ثم عدم حصول الترويج الكافي للاقتراح من جهة ثانية. وما يكفل تنفيذ اقتراح التخصص في الأبواب الفقهية، في تصوّرنا، هو: أولاً: توفر الأرضية النظرية المناسبة، أي أن تكون عملية التبويب الفقهي ملائمة للتخصص. ثانياً: وتوفـّر الارادة العملية لدى الفقهاء، أي أن تتجه مجموعة من الفقهاء إلى تطبيقه. وسنتناول هاتين النقطتين، فيما يلي، بشيء من التفصيل. ضرورة ملائمة التبويب الفقهي للتخصص يمكن القول بأن التبويب الفني الأشهر في تاريخ الفقه الشيعي، هو ذلك الذي اعتمده المحقق جعفر بن الحسن الحلي (المتوفى سنة 676 هـ) في كتابه “شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام”. وقد استفاد المحقق في تبويبه من طريقة من سبقه مع إجراء تطوير مهم في تلك الطريقة([18]). وهو قد وزّع أبواب كتابه الخمسين ونيّفاً على أربع مجموعات أو أقسام: أولاً: العبادات؛ ويشتمل على مجموعة أبواب منها: الطهارة والصلاة والصوم والزكاة… ثانياً: العقود؛ ويشتمل على مجموعة أبواب منها: التجارة والرهن والمفلس والحجر والنكاح… ثالثاً: الإيقاعات؛ ويشتمل على مجموعة أبواب منها: الطلاق والخلع والمباراة والظهار والإيلاء واللعان… رابعاً: الأحكام؛ ويشتمل أيضاً على مجموعة أبواب منها: الصيد والذباحة والأطعمة والأشربة والفرائض (أو المواريث) والقضاء والحدود…