وقد نقل عنه اقتراح الأسلوب المذكور بعض تلاميذه كالشيخ الأراكي (قدس سره) والسيد أحمد الزنجاني([12]). ومضمون اقتراح الشيخ الحائري، حسب المنقول عنه، هو تقسيم الفقه إلى أقسام تخصصية. وتتوزع هذه الأقسام على مجموعة من العلماء المجتهدين، الذين تفقهوا في دورة فقهية عامة وبلغوا درجة الاجتهاد المطلق، حيث يعين كل منهم لنفسه جانباً فقهياً معيناً يختص فيه، ويقلده الناس في ذلك القسم التخصصي وحده. مثلاً، كأن يتخصص بعض في العبادات وبعض آخر يتخصص في المعاملات وبعض في السياسات وهكذا… كما هي الحال في الطب في الوقت الحاضر، حيث تشعبت الاختصاصات: فهذا أخصائي في القلب، وذاك في العين، وآخر في الأذن والأنف والحنجرة وغير ذلك. فلو حصل هذا، لأمكن توفر تحقيق علمي أعمق في كل قسم من أقسام التخصص الفقهي([13]). ويظهر من هذا الاقتراح، أن ما دعا إليه ناحيتان: الناحية الأولى: هي توسع مجالات الاجتهاد وتشعبها، إلى درجة أصبحت معها مهمة الفقيه المتصدي لممارسة الاجتهاد في كافة الشؤون الحياتية، والحريص على درجة عالية من الجودة في عمله الاستنباطي، أصبحت معها مهمته أكثر صعوبة ومشقة. وقد حصل التوسع المذكور بحكم التطور الكبير في واقع الحياة اليوم وما طرحه هذا التطور من مسائل وتحديات جديدة. ثم هناك عامل آخر أدى إلى توسيع مجالات الاجتهاد – وبدرجة أخص بالنسبة إلى الفقيه الشيعي – وهو الإهتمام الفقهي الكبير والطارئ بالمجالات الإجتماعية والسياسية وشؤون الدولة عموماً وذلك بفعل الصحوة الإسلامية المعاصرة التي توّجت بقيام الجمهورية الإسلامية في ايران. ونقول الاهتمام الطارئ أو الجديد بالمجالات المذكورة، باعتبار أن اهتمام الفقه الشيعي كان منصباً في الماضي، على المجالات الفردية من حياة الإنسان، بسبب الظروف القاهرة التي أحاطت بالفقهاء الشيعة وقلّصت دورهم.