منطقة الفراغ في الصدر الأول للإسلام في الصدر الأول للإسلام وفي عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عهد نزول الوحي وعهد التشريع كانت هنا لك منطقة فراغ في التشريع، وقد تركت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره ولياً للأمر، تركت له ليمارس ولايته ويملأ هذه المنطقة بالشكل المناسب للظروف والأحوال المختلفة، فهو يملأها بوصفه ولياً أو رئيساً للحكومة لا بوصفه مبلغاً للأحكام الإلهية. وتصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره ولياً وحاكماً هو تصرف متغير بتغير الظروف والأحوال، ويمكن لغيره من اولياء الأمور ان لا يتصرفوا بنفس تصرفه في ظروف غير ظروفه، لأن تصرفه ليس تصرف مبلغ للرسالة وللأحكام الإلهية حتى يقتدى به أو يستن بسنته؛ نعم إذا كانت الظروف واحدة فالتصرف السليم هو الاقتداء به. والنصوص التي ستأتي تمثل صورة واضحة عن استعمال ولي الأمر لصلاحيته في حدود منطقة الفراغ. 1 – عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع نفع الشيء، وقضى (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أهل البادية أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء، وقال: لا ضرر ولا ضرار.( [45]) ان الثابث في الشريعة الإسلامية وكما استنبطه الفقهاء عدم حرمة منع الإنسان لغيره من فضل ما يملكه من الماء والكلأ، في حين ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهي عن ذلك، ونهيه هذا صادر من باب ولايته فهو حكم ولائي في التصرف في منطقة الفراغ تبعاً للظروف والاحوال القائمة، فقد كان المجتمع بحاجة شديدة إلى انماء الثروة بجميع الوانها: الزراعية والحيوانية، وعلى ذلك فان من المصلحة أن ينهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك، وقد نهى بالفعل.