وصولا إلى تحولات الغد، على صعيد الفكر الديني والنظرة إلى الدين ومناهج تحليله وتفسيره، وليس آخرها فلسفة الدين والهرمنوطيقيا؛ لأن مساحات واسعة من الواقع الإسلامي باتت تتعاطى هذه الأفكار وتحاول اسقاطها على الإسلام وعقيدته وأصوله ونصوصه أيضاً، فضلاً عن أساليب قراءته وفهمه؛ الأمر الذي يضاعف من التحديات التي تواجه الدين، بعد أن أصبحت تنبثق من داخل الواقع الديني. وهذا كله يدفع علم الكلام إلى الانفتاح المنهجي العميق على كل قضايا العصر والمستقبل، وصولاً إلى تشكيل منظومة كلامية جديدة، متماسكة وشاملة في موضوعاتها، ومركزة وعميقة في استدلالاتها، ورصينة ومقنعة وجذابة في خطابها ولغتها. والحقيقة ان تجديد علم الكلام لا يقتصر على الموضوعات والمسائل الكلامية المستحدثة، بل يشتمل على بعض اركانه الأخرى أيضاً، كالمسائل والموضوعات الجديدة التي أفرزت أساليب أو مناهج جديدة في العرض والاستدلال، تستدعي أيضاً مناهج وأساليب أخرى غير تقليدية، وهو تنويع منهجي تتطلبه طبيعة كل مسألة وموضوع. كما ان التطور الذي تشهده اللغة، والتحول المعرفي الثقافي الذي نتج عنه هذا التطور، بسبب تدخل العلوم والافكار الجديدة في صياغة اللغة المعاصرة، وظهور وعي جديد وفهم مختلفة، أدى إلى حدوث فاصلة بين لغة الكلام التقليدي واللغة المعاصرة، الأمر الذي يحتـّم انفتاح علم الكلام على لغة العصر والمعارف والثقافات التي انتجتها، بهدف ايجاد لغة مشتركة مع أصحاب الوعي الجديد. لا يتسع التجديد لأهداف علم الكلام أيضاً، ولكنه لا يتمدد على حساب الهوية المعرفية له، إذ أن غاية علم الكلام تشتمل على عرض العقيدة الدينية واصولها من خلال الاستدلال عليها وتحليلها وتفسيرها، ودحض الشبهات والاشكالات التي تواجهها، وتقديم هذه العقيدة للناس،