تجديد علم الكلام علم الكلام هو من أبرز المفردات للفكر الإسلامي التي تواجه تحدي الحاضر والمستقبل؛ لأنه يمثل الجبهة الامامية المعنية بمواجهة الضغوطات والتحديات الفكرية والعقيدية التي يتعرض لها الدين واصوله ومقولاته وشريعته. ومع تراكم الضغوطات والتحديات وظهور ألوان معقدة منها تبعاً للتطور الهائل الذي شهدته أو ستشهده الحياة، فان مهمات علم الكلام ووظائفه تتضاعف أيضاً، بهدف مواكبة هذا التطور ومحاولة استباقه، وبالتالي العمل على ردم الفجوة بين العقيدة والشريعة من جهة وبينهما وبين الواقع من جهة أخرى، ويستدعي ذلك مراجعة لمقولات علم الكلام ووظائفه ومناهجه ولغته، وهو ماطرحه على طاولة البحث العلمي في العقد الأخيرة – وبشكل مكثف – يمدد من علماء الدين والمفكرين والباحثين. ولكي نتجاوز المقولات التي تطرفت في دعوتها لعلم جديد في موضوعاته ومنهجه وتوجهاته وأهدافه، وكذلك ردود الأفعال غير الموضوعية التي قررت الجمود على التراث الكلامي بموضوعاته ولغته ومبانيه، فاننا نتجه بحديثنا نحو الواقع ومايتطلبه؛ لتأخذ الدعوة لتجديد التراث الكلامي مسارها الموضوعي. ان التحديات الجديدة التي تواجه الدين ومعارفه وفكره، من خلال الشبهات والتساؤلات المعقدة التي تفرزها الدراسات ذات العلاقة بالدين والفكر الديني وكذلك الأفكار والنظريات والعلوم والفلسفات الحديثة التي تجاوزت المجالات العقيدية إلى القيم والاخلاق والسياسة والاقتصاد والثقافة، تجعل مهمة الكلام التقليدي ومقولاته ومناهجه في غاية الصعوبة؛ بالنظر إلى انها وصلتنا وهي مفصّلة على مقاس بيئات مختلفة، كان لها موضوعاتها وشبهاتها وأساليبها في الاستدلال. بل لايمكن لواقعنا الإسلامي أن لايكون معنيا بالتحولات الكبرى التي يعيشها الغرب منذ ثلاثة قرون وحتى الحاضر