القرآن الكريم والسنة الشريفة (الصحيحة)، وهي مرجعية لايمكن تجديدها والاجتهاد في مقابلها. وهناك مرجعيات أخرى لاتمثل سلطة ثابتة، بل هي مرجعية متحركة للتكامل، كالتراث الكلامي والفكري والفقهي، ومايضمه من نظريات وآراء وقواعد ومناهج، اضافة إلى أدوات فهم الأُصول المقدسة، كالعقل والإجماع وغيرهما. مراجعة التراث التراث الإسلامي العلمي هو مساحة المراجعة الأساسية، ولا نقصد به التراث الكلامي والفكري والفقهي والاصولي الذي خلّفه علماء الكلام والفقهاء والمحدّثون والرجاليون والمؤرخون والمفسرون والحكماء والمفكرون من السلف الصالح وحسب، بل يشتمل التراث أيضاً على ماوضعه المعاصرون ؛ إذ أن مسار المعرفة الإسلامية مسار واحد ممتد، وهو حصيلة جهود متواصلة وتراكم معرفي غير منقطع، وفهم تكاملي يعبّر عن مسيرة الوعي والاجتهاد وحركة العقل الإسلامي عبر مراحل التاريخ المختلفة، وهذا التلازم هو الوجه الآخر لقانون (الوراثة الحضارية). ولا نقصد بالتراث ثوابت الشريعة فقها وعقيدة فهي – كما ذكرنا – لا تنتمي إلى تراث المسلمين ولاتشكل مساحات المراجعة، لأنها ليست افرازا لزمن أو عصر. وتعاملنا مع التراث وانماطه ومعارفه لابد أن يتضمن أدق ألوان الاعتدال والتوازن، إذ أن الافراط والتفريط والانفعال والنظرة المبتورة ستؤدي إلى نتائج قاصرة تماما في تحقيق الهدف المطلوب من المراجعة. ففي الوقت الذي لايعدّ فيه التراث سلطتة معرفية ثابتة وقاهرة، فانه – لاشك – يشكّل جزءا من هوية الأُمة وتكوينها العقيدي والثقافي والاجتماعي والنفسي، ومن هنا فالتراث هو قوام حضارتنا في الماضي واطار