المتقدم علميا ومنهجيا يعيش في المستقبل الآن، وليتنا كنّا أيضاً نعيش الزمن نفسه، ولكن متلفعين بأصالتنا ومتسلحين بالشريعة التي لا يحدها زمان أو مكان. وبالتالي فالمراجعة تهدف إلى التحول في النظرية والاصلاح في الفكر، من خلال الأدوات والآليات التي تقرها الشريعة؛ لدفعه نحو المستقبل ونحو الامساك بعملية التغيير الاجتماعي والبناء الحضاري، وانتهاءً بتحقيق مقولة: (الإسلام يقود المستقبل). ومقدمة تطبق هذه المقولة هي أن تكون الشريعة ويكون الفقه مؤثرين وليسا متأثرين (مع الاذعان بأهمية التأثير الايجابي وواقعيته وعدم امكانية الفرار منه)، وأن يصنع الإسلام التغيير ولا يلاحق التغيير، فملاحقة التغيير وتطورات الزمن تعني انه سيبحث عن اجابات لأسئلتها ومواجهة لضغوطاتها، أما إذا صنع الإسلام التغيير وصنع التطور وصنع المستقبل وصاغ الزمان والمكان وفقا لرؤيته، فان كل الاشكاليات الفكرية وكل التساؤلات الفقهية والعقيدية ستكون واضحة أمامه، إن لم تكن جاهزة. وتناول الشريعة وعلومها ومجمل الفكر الإسلامي لقضايا المستقبل، ليس عبورا على الزمن ولا تجاوزا للحاضر، ولا نقصد به فرضيات وهمية أو موضوعات غير واقعية، بل نقصد به استعداد الفكر الإسلامي للمستقبل، بعد أن فرضت ظواهر الحاضر وتطوراته السريعة والتخطيط الذي تستند إليه، أن تعيش البشرية في المستقبل – كما ذكرنا – فمثلا تناول الفقه لما ستفرزه مخططات وبحوث علماء الهندسة الوراثية (الجنتيك) والبايولوجيا والفضاء والمعلوماتية (الانفورماتيك) والاتصالات والتنمية والسكان والطب وغيرها من أسئلة واشكالات كبيرة، تعنى انه مندك بالواقع؛ إذ انّ البشرية ستقطف ثمار هذه المخططات والبحوث بعد 30 عاما أو 20 عاماً، لاسيما انّ بعض هؤلاء العلماء قد فتحوا باب البحث والتجربة على مصراعيه، دون محددات أخلاقية أو حتى انسانية، وبذلك