المنفعلة والتجزيئية للواقع وللفكر الإسلامي هي التي تؤدي إلى ألوان من اللا توازن والافراط والتفريط والخلل. وبالطبع فان هذه المراجعة تتوقف عند المتغيّر الفكري. أما الأُصول الإسلامية فهي الثابت الالهي المقدس الذي لا يخضع لضغوطات الزمان والمكان، وهو أمر أشبع بحثا، ولا نجد بعد ذلك ماقد يتسبب في حصول لبس أو سوء فهم خلال الحديث. ان متطلبات المستقبل تنطوي على معرفة جملة من الحقائق النسبية، من خلال استطلاع المعطيات التي ستؤدي إليها واستشراف طبيعة العناصر التي ستشكلها. ومن أبرز هذه الحقائق: حقيقة الزمن الذي سنعيشه، أي عالم المستقبل، والتحديات الداخلية التي ستبرز في واقع هذا الزمن، والتحديات الخارجية التي ستواجهنا. ففي الاجابة على تساؤل: (في أي زمن سنعيش؟!) تكمن عملية الاستشراف المستقبلي، التي تكشف لنا عن نوعية الزمن الذي سنعيشه وشكله وضغوطاته وتحدياته. والاجابة على هذا السؤال ستجرنا بصورة طبيعية إلى سؤال آخر هو: (كيف سنعيش؟)، وهذه الكيفية أما نصنعها نحن أو نساهم في صنعها ويستلزم ذلك ألوانا في التخطيط، أو نكون مسلوبي الارادة ولا نمتلك أي برنامج وتخطيط لحياتنا. والحقيقة ان معرفة الزمن الذي سنعيشه، وطبيعة ممارستنا للحياة فيه، يتطلب معرفة حقيقية بالزمن الذي نعيشه الآن، ومعرفة أخرى بآليات ومعادلات وقوانين التطور والانتقال من الحاضر إلى الغد، لأن هذه المعرفة هي القناة التي توصلنا إلى الزمن القادم، إذ انّ الزمن القادم تصنعه معطيات الحاضر وقراراته وتخطيطه. وعلى هذا الأساس ستكون المعرفة بالزمن أو العصر شاملة ومتكاملة. فلا شك ان عجزنا عن دخول عصرنا ومعرفته سيؤدي إلى عجز آخر بالمستقبل وكيفية استقباله وعجز عن التخطيط له. ويعود هذا إلى ان المسلمين لم يصنعوا حاضرهم ولم يساهموا في صناعته؛