بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد يتمتع الفكر الإسلامي بجملة من العناصر التي تؤهله لتطويع الواقع وضغوطاته والاستجابة لتحديات المستقبل أيا كان شكلها ومضمونها، فيما لو أحسن أصحاب الاختصاص التعامل مع القواعد الاساسية التي يستند إليها والتي تتدخل في تشكيل بنيته. ولعل المرونة والدينامية والحصانة من أهم هذه العناصر، والتي تدفع الفكر الإسلامي باتجاه التجدد والاكتشاف والتأسيس، وتحول دون خشيته من المراجعة المستمرة، هذه المراجعة التي تضمن له احتفاظه بعناصر القوة فيه وبقابليته على اخضاع الزمان والمكان للشريعة وأحكامها. ولا نريد هنا تكرار المقولات التي تؤكد أهمية التجديد وضرورته؛ لاعتقادنا بأن هذه المقولات قد تم استيعابها استدلالا وشرحاً. ولكن نجد من الضروري إعادة التأكيد على ماتقتضيه متطلبات المستقبل واستدعاءاته ومشاكله الأكثر تعقيداً، من مراجعة نوعية للفكر الإسلامي من خلال أدوات ومناهج أصيلة تفرزها طبيعة المرحلة التي يراد استقبالها وتشوّف حاجاتها. ونقصد بالمراجعة النوعية هنا؛ اعادة قراءة الفكر الإسلامي بنظرة موضوعية شمولية تنطوي على استيعاب الحاجات الجديدة والتي ستستجد، والاستجابة لها من خلال عمليات الاصلاح والتأصيل والاكتشاف والتأسيس. وتتمثل شمولية هذه النظرة أيضاً في استيعابها لكل مفردة من مفردات الفكر الإسلامي، بما في ذلك علوم الشريعة ومناهجها. فالنظرة