على رؤية واضحة ومحيطة بالاتجاهات العامة للشريعة ومذاقها – الذي هو بمثابة ملكوت الاحكام الشرعية وام الكتاب لها – فحينئذ يمكن تحديد الخطوط الحمراء التي لايمكن تخطيها بحال. اذن فان تطبيق الشريعة كنظام يتوقف على تحديد الاتجاهات العامة للتشريع.. والا تكون التجربة ساذجة ومتعثرة تحكم على نفسها بالفشل. يقول(قدس سره): (لابد من ان يتوغل هذا الاتجاه الموضوعي في الفقه ليصل إلى النظريات الاساسية، لا ان يكتفي بالبناءات العلوية والتشريعات التفصيلية، بل ينفذ من خلال هذه البناءات العلوية إلى النظريات الاساسية والتطورات الرئيسية التي تمثل وجهة نظر الإسلام؛ لاننا نعلم ان كل مجموعة من التشريعات في كل باب من ابواب الحياة ترتبط بمثل تلك النظريات والتطورات. ففي مجال الحياة الاقتصادية ترتبط تلك الاحكام بنظرية الإسلام بالمذهب الاقتصادي الإسلامي، وفي مجال النكاح والطلاق وعلاقات المرأة مع الرجل ترتبط بنظرياته الاساسية عن المرأة والرجل ودور كل منهما. هذه النظريات الاساسية تشكل القواعد النظرية لهذه الابنية العلوية، لابد من التوغل عموديا أيضاً إليها، ومحاولة اكتشافها بقدر الامكان).([7]) ونحن نلمس الحاجة الماسة إلى فقه النظرية في عدة مجالات عملية، منها مايلي: المجال الأول: التقنين: وهذا ما يمكن ان نتصوره على مستويين: المستوى الأول: تحديد الأسس الكلية للقوانين بصورة اجمالية، أو ما يصطلح عليه بالدستور. ومن المعلوم اننا لو قصرنا النظر على دائرة الاحكام الفرعية والفردية ولم نتقدم خطوة إلى الامام في اقتناص النظريات العامة فسوف نعجز عن اراءة الحل الاصيل، ولانهتدي إلى تحصيل الاتجاهات والبنى التحتية التي تقف عليها كل التفاصيل والفروع، فمثلا