الأفكار والمبادىء المسندة بمجموعة من القوى والقابليات. هذا المجتمع الذي يعبر عنه القرآن الكريم بالامة له اجل، له موت، له حياة، له حركة، كما ان الفرد يتحرك فيكون حيا ثم يموت، كذلك الأُمة تكون حية ثم تموت، وكما ان موت الفرد يخضع لاجل وقانون، كذلك الامم أيضاً لها آجالها المضبوطة وقوانينها. وهناك نواميس تحدد لكل امة هذا الاجل…).([4]) وهذا الفرق ينسحب إلى احكام ووظائف كل منهما؛ فان التفاوت بين الاحكام والتكاليف الفردية جوهري. من هنا نلمس البون الشاسع بين خطاب (اقيموا الصلاة)([5]) وبين خطاب (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما)([6]) رغم اتحاد الصيغتين لفظا؛ فان الخطاب الأول موجه إلى فرد أو مجموعة افراد لايصدق عليهم أي جامع حقوقي فكل مكلف يمكنه امتثال هذا الأمر، بينما الثاني يقصد به الكيان والجهة. فالامة من حيث هي كيان ذات شخصية حقوقية مسؤولة عن اقامة الدين وحدوده، لا ان كل مكلف يسوغ له اجراء ذلك وتنفيذه. وليس من الصحيح تصوير الفرق بين النحوين على أساس العينية والكفائية في التكاليف؛ فان (صلاة الاموات) من الاحكام الكفائية إلا انها ليست حكما اجتماعيا. كما ان العكس صحيح أيضاً فرب تكاليف واحكام اجتماعية تكون عينية يوكل امرها إلى طائفة معينة بل إلى شخص واحد كالاحكام المرتبطة بولي الأمر. وعلى اية حال فان الكتب الفقهية عكفت على تشخيص التكاليف الفردية – وربما بعض التكاليف الاجتماعية أحياناً – بصورة مفصلة وبيان كيفية تطبيقها وامتثالها وتفصيل شرائطها… في حين ان وظيفة فقه النظرية التصدي لمعالجة وبحث التكاليف في دائرة اوسع من الفرد، أي بحث التكاليف الاجتماعية؛ فان هذا المجال الفقهي الواسع بمستوى من الخطورة والضرورة يفوق فقه الفرد بمراتب ما دمنا نعتقد بان قيادة الإسلام للمجتمع من المسلمات اليقينية فقهيا؛ إذ من الواضح ان رسم الصورة الإسلامية في