الشرعي بالنسبة لموضوع متشعب كالمجال الاقتصادي والذي هو مجال واسع مترامي الاطراف تحركه عدة عناصر مختلفة ضمن شبكة من العلاقات والتأثير والتأثر فهذا ما يستلزم قطعا متابعة علمية ميدانية يقوم بها الفقيه في سبيل الاحاطة بموضوع فتواه كي لايتورط بمخالفة الواقع، وليس هذا من قبيل الموضوعات التي يترك أمر احرازها إلى المكلف وما على الفقيه إلا اصدار فتواه بنحو القضية الحقيقية، ولايصح ان يقاس هذا بمحل الكلام؛ إذ ان المراد هو تقديم اجابة وحل لواقع خارجي فما لم يتم تصور كامل للواقع يظل السؤال مبهما، ومع ابهام السؤال كيف يمكن البحث عن الجواب، وماهي علاقة الجواب بالسؤال حينئذ؟! فلو سئل الفقيه عن الموت الطبي أو عن بطاقات الائتمان أو نحو ذلك فكيف يجرؤ على الافتاء قبل ان يعرف حقيقة الموضوع المسؤول عنه، فكذا الحال أيضاً عندما نسأل الفقيه عن النظرية الإسلامية في المجال الاقتصادي وهل هي ذات طابع رأسمالي أو اشتراكي أو شيء آخر؟ فياترى هل يمكن للفقيه ان يجيب من دون ان يتصور ابعاد النظام الاقتصادي والاركان التي يستند إليها والترابط القائم بين العناصر التي تحركه؟! أو عندما يسأل الفقيه حول النظرية الإسلامية في اطار السياسة الخارجية أو عن نوع النظام السياسي الذي يراه الإسلام هل هو النظام الملكي أو الجمهوري أو غيرهما؟ وفي مثل هذه الحالة من الواضح انه يجب تصور ما تقتضيه السياسة الخارجية والعلاقات الدولية والقوانين الدولية والمنظمات الدولية والاتفاقات الدولية والاعراف الدولية قبل الاجابة عن السؤال الأول وأيضاً لابد من امتلاك صورة واضحة المعالم عن الحكم وشؤونه وما يحف به من حيثيات حتى يتسنى للفقيه تحديد مجموعة من الاسئلة المحددة ثم بعد ذلك يشرع في استنطاق ما بحوزته من الأدلة من اجل استخراج الاجابة على هذه الاسئلة.