التفريق بين أُصول الفقه والقواعد. ويقتضي هذا منا التذكير بما حصل حتى الآن من العناية بالقواعد، تعريفاً وتقسيما، تصنيفا وتحقيقا. فقد رأينا شيخنا سماحة الإمام الأكبر محمد الطاهر ابن عاشور يثبتها، معتبراً ظهور علم أُصول الفقه متأخرا عن استخدام القواعد. وأن بناء هذه القواعد كان على الاستقراء والاستنباط، من أجل ضبط الأحكام والقوانين. وأصول الفقه يدل بصيغته هذه على ما ابتنى عليه غيره، أو هو النقل عرفاً إلى المعاني اللغوية، ولكنهم اختاروا إطلاقه على المعنى المراد وهو الدليل. والفقه هو العلم مع الفهم . قال الجرجاني: هو فهم غرض المتكلم من كلامه. ومن هذه التعريفات يتضح لنا أن الفقه في اللغة هو العلم بالشيء وتفهمه والوصول بالنظر فيه إلى أعماقه. وقال الغزالي: الفقه عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين خاصة. والقواعد جمع قاعدة. وهي عبارة عن قضية كلية تشتمل على جزئيات كثيرة. ومنها القواعد اللغوية والشرعية. أما احتياج الناس إلى هذه القواعد فلكونها الأسس والمبادئ التي تـُبنى عليها الشرائع، ولكون الدليل لدى بعض الفقهاء هو ما يستفاد منه حكم قطعي، وأن ما هو بعكس ذلك لايستفاد منه إلا الحكم الظني. والدليل في الاصطلاح الإفادة من أصحاب التصانيف الشرعية. ونحن من خلال ما منّ الله به علينا من كثرة التردد على المكتبات العلمية ببلادنا وبغيرها من البلاد وما وجدناه بها من كتب قيمة عرفنا بعضها ولم نعرف من بقيتها غير القليل، وما جعلنا نسعد ونفاخر به من أطر علمية جيدة تشدنا إليها روابط الفكر والعلم الشرعي من أساتذة مبرّزين وفقهاء متمكنين أرجو أن يكون بهم لمؤسستنا المجمعية مجمع الفقه