في دراستهما بالمغرب والأندلس قبل مفارقتهما لمربعهم الأول. وذهبت طائفة أخرى من المؤلفين إلى اعتبار أن هذا الانحراف عن أُصول الفقه المالكي كان سببه ضعف الملكات والجهل بالأحكام. وظهور هذا الاتجاه في مخالفة أُصول المذهب وقواعده ترجع إلى أيام الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الأموي، إذ أصدر منشوراً قرر فيه وجوب التمسك بمذهب مالك في الأقضية والشهادات والنوازل نظراً إلى إهمال هذه المناهج والمبادئ والاحتفاظ بالأقوال الشاذة والضعيفة عند عروض ما يقتضي ذلك في بعض الجزئيات. وقد يكون لهذا وجهة نظر في بعض الحالات دون بعض كالذي اشار إليه الإمام عمر بن عبدالعزيز في قوله: (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوه من فجور)، وأضاف سلطان العلماء الشيخ عزالدين بن عبدالسلام قائلاً: واحكموا بقدر ما يحدثون من السياسات والمعاملات والاحتياطات. وذهب هذا الباحث في آخر دراسته إلى القول بأن الدولة الأموية قبل القرن الرابع كانت حريصة على متابعة الأقوال المشهورة والراجحة في المذهب المالكي. وأن شأن التشريعات لا تظهر فجواتها ولا الحاجة إلى تنقيحها أو تعديلها إلا بعد مرور فترة على دراستها وتطبيقها. ويقال إن ابن الهندي الأندلسي أحد أهل الشورى في الأحكام نص على جريان العمل بالقول بإعطاء الخصم نسخة من حجج خصمه. ونازع الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في هذا، واعتبره من التطور الحميد تعريفاً بالأحكام، والتزاماً بالصكوك التي أثبتت فيها لكونه من باب المتوفق للحقوق. لم تغفل المصنفات التي كتبت في تلك الفترة ذكر العمل بالأقوال الضعيفة بالأندلس من القرن الرابع. وصدر في القرن السادس كتاب للفقيه الإمام أحمد بن هشام الغرناطي أسماه (مفيد الحكام في نوازل