يسبقوا إليه. وهكذا كانت طريقتهم تتمثل في أن يحكم أحد القضاة أو يفتي أحد المفتين، ممن ثبتت عدالته ونزاهته مع العلم والمعرفة بقول من أقوال علماء المذهب وإن كان ضعيفاً أو شاذاً مهجوراً. أما الأغراض والموضوعات التي تناولتها نظرية الأخذ بما جرى به العمل، فإنها ستة أقسام: 1ـ قسم يجري وفق القول المشهور في المذهب. 2ـ قسم يجري وفق القول الضعيف في المذهب. 3ـ قسم يجري بخلاف النصوص القطعية. 4ـ قسم يجري في مسألة لم يرد فيها نص. 5ـ قسم يجري فيما لا يكون فيه دليل صريح ولكن فيه شبهة دليل. 6ـ قسم يجري وفق الدليل لكنه خارج المذهب([53]). وتبرر عملهم هذا عدة اعتبارات كاختلاف الظروف، وأحوال المتداعين والمستفتين، وما يكونون عليه من عوائد وأعراف جديدة لم يلتفت إليها قبل. وهذه طريق تدعو القاضي أو المفتي إلى ترك العمل بما هو مثبت في كتب الفقه وأصول المذهب مكتفين باعتماد الآراء الضعيفة والأقوال الشاذة قصد الوصول إلى حلول معقولة تخرج الناس من الضيق إلى السعة ومن الحيرة إلى الاطمئنان. ويصبح بعد ذلك ما عمل الأندلسيون والمغاربة أصلاً معتبراً في مذهبهم وطريقة معدودة ومقبولة في مواجهة كل الصعاب. وقد رأينا الدكتور العسري يبحث هذا الموضوع ويخرج فيه دراسة عميقة ناشراً لها في مجلة دار الحديث الحسنية. ومما أشار إليه في بحثه ذلك حركة رد الفعل لهذا التطوير. وجاء في الدرالمنثور أن أهل قرطبة كانوا ينازعون القضاة ويمنعونهم من الاحتجاج أو الأخذ بغير المشهور في أحكامهم. وخوفاً من اضطراب مذهب القضاء وسدّاً للذريعة أمام القضاة لزم أولئك الفقهاء الالتزام بالمشهور إلا في حالات عدّ منها المتتبعون للمنهج