5ـ مبدأ الحرية: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) ([19]). (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ([20]). ومن أمثلة هذا المبدأ العظيم والخلق الرفيع أن أحد الأعراب قال لعمر بن الخطاب عند توليته الخلافة: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناك بسيوفنا، وقالت امرأة والإمام يدعو إلى عدم التغالي في المهور: أيعطينا الله ويمنعنا عمر!. وهو في كل ذلك لم يغضب ولم يعنّف أحداً. 6ـ ومن المبادئ الأصيلة بين المسلمين وجوب قيام التكافل الاجتماعي بفرض الزكاة على أصحاب الأنصبة، وجعل نفقة الفقير العاجز عن الكسب في بيت مال المسلمين. وقد كان الطريق إلى الأحكام الشرعية متمثلاً في الأخذ بالنص من قرآن أو سنة وبالعمل بالإجماع أو القياس. فإن لم يكن شيء من هذه المصادر موفياً بغرضه، انتقل الفقيه إلى أحد المصادر الأخرى كقول الصحابي والعرف والاستحسان والذرائع والاستصحاب والمصالح الإنسانية. وقد فرّق الإمام الأكبر سماحة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، وهو يضع كتابه النفيس (مقاصد الشريعة الإسلامية) بين ما ينبغي ان يعتمده المجتهد حين يطلب الحكم الشرعي: أهو أُصول الفقه، أم هو القواعد الفقهية، أم هو المقاصد الشرعية. وهو في التفاتته هذه يميز بين علم أُصول الفقه وعلم المقاصد لدوران أُصول الفقه حول استنباط الأحكام من ألفاظ الشارع بواسطة قواعد تمكّن العارف بها من انتزاع أحكام الفروع منها. ودور علم أُصول الفقه هام جداً كما أومأنا إلى هذا من قبل. وإن الاهتمام البالغ بطرق استنباط الأحكام، وبوقوف المجتهد عند خطاب الشارع، يتوسع الفقيه نظراً وتدبراً، ويرعاه حفظاً وتثبيتاً، ويتأوله تأويلاً.