فانه يعني العمل بالدليل الحجة ورفض الدليل الذي لا يملك الحجية. فهذا أمر صحيح وان كان لا يجعل الاستحسان أصلاً من أُصول الفقه ولكن فسر الاستحسان أحياناً بأنه (دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه).([8]) أو انه (ما يستحسنه المجتهد بعقله). وهذه أمور رفضها المسلمون بل اعتبرها بعض الأئمة بدعة، لأنها تفتح الباب للآراء غير المستدلة وغير المنضبطة. ولكنها على أي حال أفضل من القول بنظرية (القراءات) التي انتهى إليها البحث في الهرمنوطيقيا الحديثة: ذلك ان القائلين بنظرية الاستحسان بالمعنى المذكور، يحصرون الأمر باستحسان المجتهدين دون غيرهم ثم يعتبرونه ينقدح بدليل في النفس يلاحظه المجتهد بين الأدلة؛ ولكنه لا يقدر على التعبير عنه. على ان الاستحسان لديهم لا يتم حينما يوجد دليل شرعي قطعي أو ظاهر في الموضوع. وعليه فهناك اذن بعض الضوابط التي تميزه عن القراءة في حين نجد ان نظرية القراءات تنفلت عن كل ضابطة. فهي تسمح للكل بامتلاك قراءاتهم ولا تطالبهم بأي دليل. بل حتى لو خالفت القراءة قطعاً مراد المتكلم. كما أنها لا تمانع في تصحيح كل القراءات حتى لو كانت متناقضة. وبالتالي فان هذه النظرية تعبر عن منتهى الفوضى بل وتغلق باب الاستفادة من النصوص الدينية. دراسة ونقد رأينا ان فكرة القراءات أمر لا ينسجم مع منطقنا الديني وعلومنا الإسلامية ونحن نرى ان آثاره السلبية كثيرة نقتصر منها على الأهم عبر ما يلي: