الحقيقة ان التفسير المسيحي كما رأينا، نشأ لحل المشاكل العويصة التي طرحت أمام النصوص الدينية في العهدين وكأنه جاء ليوجه ويبرر هذه النصوص. وقد رأينا هذا التبرير لا يصمد أمام الحقائق الدامغة الأمر الذي دفع الهرمنوطيقيا للوصول إلى مرحلة عبثية هي مرحلة القبول بالقرارات الاعتباطية. اما التفسير الإسلامي فقد جاء للتوضيح والتعمق في النص القرآني ومازال باستمرار يتعمق ويكتشف آفاقاً من المعرفة. وبتعبير آخر، فان المفسرين لم يواجهوا المشاكل التي واجهها المفسرون المسيحيون. فالقرآن الكريم يعتمد عنصر البيان بحيث ينهل منه كل وارد وفق مستواه لقد كان كتاباً عربياً مبيناً. وحتى عندما يكون المعنى سامياً يتطلب تشبيهاً موهماً. فان مثل هذه المتشابهات أرجعت إلى آيات محكمات توضح المقصود دون أي لبس. اما عنصر الأسطورة المنافية للعقل، فلا نجده مطلقاً في كتاب الله. نعم قد نجد الحديث عن خوارق العادة كتكلم طفل أو طول عمر إنسان أو احياء ميت و هذا يفسر بوضوح بقدرة الله تعالى الخارقة والتي لا تتنافى مع المسلمات العقلية. بل يؤكدها العقل المؤمن بالقدرة الإلهية المؤمنة. بل نجد القرآن ينفي الأساطير التي كانت شائعة كمسألة نفي البحيرة والسائبة والأساطير التي نسجت حول الأصنام ويعتبرها من الأمور التي ما انزل بها من سلطان. ويأتي وصف الأنبياء كأروع ما يكون إذ يعتبرهم يمثلون أسوة الإنسانية ويعطيهم صفة الشهادة على مسيرة الخلافة الإنسانية.