فالفهم المتعالي هو وعي الافراد والهدف الأصلي للهرمنوطيقيا هو تكوين وعي أكمل عن المؤلف. ولعله لم يتوفر هو عليه. ان الإنسان يعي نفسه في التاريخ لا في تأمله الباطني وان حياته قطعة من الحياة في المجموع. وهكذا نجد ديلتاي يقلل من ضرورة معرفة قصد المؤلف ويسعى ليطرح منطقاً تفسيرياً باعتباره نشاطاً في العلوم الإنسانية ويربط امكانية هذا الفهم بالتركيبة الكلية للطبيعة الإنسانية. وبعد ديلتاي نصل إلى مرحلة جديدة عبر طرح آراء هايدجر. ويرى هايدجر ان التفسير يستلزم فرضاً مسبقاً. فالمفروضات، هي مفاهيم تلقى بنفسها على التجربة وهي حالة هرمنوطيقية وان (الدزاين) أو التفسير الإنساني للوجود البشري والوجود كله له دخله في تفسير النص. ان (الدزاين) يمكن ان يفسر نفسه حيواناً ناطقاً أو آلة . ومعنى ذلك انه قد يفسر نفسه تفسيراً سيئاً وعليه يجب ان نحرر أنفسنا من تبعات التفسير السيء. ويرى ان المصطلحات ليس لها معاني ثابتة منفصلة عن استعمالاتها. بل ان العلاقات المتبادلة ترتبط بهذه المصطلحات فالفأس ليس وسيلة للدق فحسب، بل هو يكتسب معناه من محل العمل والمسمار والمشتري. ان أرسطو لم يكن يفهم من مصطلح المواصلات ما نفهمه اليوم. ولذا ولكي نفهم النص يجب ان نعيد تركيبة عالم المؤلف من جديد. والحقيقة ان هايدگر لم يستطع ان يوضح لنا إمكان تفسير النص أو عدمه. وهو ينتقل في كتابه (الوجود والزمان) بالهرمنوطيقيا من عملية معرفة الأسلوب إلى عملية معرفة الوجود. انه يؤكد ان الفلاسفة ركزوا على الوجودات الخاصة بدلاً من العمل على وعي معنى الوجود عموماً.