أنه يبدأ بتحليل الـ(دزاين) أي التفسير الإنساني للوجود لينتقل إلى تحليل الوجود. وأخيراً يطالعنا غادامر الذي يعتقد ان التفسير مسبوق بالفهم. وان المفروضات المسبقة شروط لتحقق الفهم وان التفسير مستلزم لعملية تركيب بين أفق النص وافق المفسر. وهو بالتالي في كتابه (الحقيقة والأسلوب) يؤكد أننا لن نستطيع التأكد من ان تفسيرنا هو الصحيح. إلى هنا والهدف من الهرمنوطيقيا هو الوصول إلى قصد المؤلف وان كانت النتائج مخيبة للآمال أحياناً كما رأينا حيرة غادامر في امكان فهم النص. ولكن الهرمنوطيقيا المعاصرة اعتبرت هذا أسلوبا تقليدياً متخلفاً. فمدرسة الاتجاه التركيبي الأدبي، ترفض ان تأخذ المؤلف بعين الاعتبار في تفسيرها للنص، انه وجود ميت وما علينا إلا ان نفهم النص من خلال تركيبته الأدبية والقرائن التي تحفه فهي ترفض الأسلوب التقليدي والهرمنوطيقيا الفلسفية معاً. ومدرسة (رفض الأسس) أيضاً تبعد المؤلف وتبعد التركيبة اللفظية أيضاً وتعتبر قراءة النص نشاطا حرا وتعاملا مطلقا من أي قيد مع النص: وان قراءة النص ليست عملا دقيقا لكي نغرق في القرائن والبنيات التركيبية للنص وعليه فمن الممكن ان نمتلك قراءات متنوعة عبر تحطيم أسس النص وبنيته.([1]) وهكذا نجد مسيرة الهرمنوطيقيا تبدأ بشكل طبيعي ولكنها تتعثر وتنحرف حتى تصل إلى مرحلة حذف المتكلم والمؤلف والبنية التركيبية للفظ والقرائن والشواهد وطرح فكرة القراءات المتنوعة دونما مطالبة بدليل يؤيد هذه القراءة أو تلك. وقد يعني هذا الوصول إلى مراحل يرفضها القائل نفسه وحينئذ تتعطل لغة الكلام ويغلق هذا الجسر