ولذلك فإن أئمة آل البيت (عليهم السلام) وقداما المحدثين من أهل السنة، لم يجوزوا العمل بالأحاديث المرسلة (منقطعة السند) أياً كان المصنف الحديثي الذي وردت فيه، لان غياب السند يحول بين الفقيه وبين الاجتهاد الذاتي لتحصيل الظن في عدالة الرواة ولا يعوض ذلك الغياب بتعديل صاحب المصنّف لرواته.. إذ أن التقليد في الجرح والتعديل غير جائز. وإجمالاً فإن موضوعات الاجتهاد هي من الوسع في الدرجة التي تمكن مجتهدي الإسلام في كل العصور من إنزال النص الديني منازله الطبيعية عند كل حادثة دون اضطرار إلى تعطيل نص أو اتخاذ موقف سلبي من كل مستجد. شواهد تاريخية إن الاجتهاد مرده إلى العلماء، الذين هم أهل الذكر وذلك في الأمور الشرعية التي يعلمون بها والتي قد يختلف الناس حولها فهم متخصصون في مجال الشريعة وقواعد الإسلام والحرص على عدم الخروج عنها، فمسألة المرجعية تكون لكون العلماء أكثر معرفة بمراد الشارع ومقصد النص القرآني، وهي مسألة دينية بحتة. وفي سياق حديثنا عن دور الاجتهاد في تجديد وتطوير الفقه الإسلامي يمكن هنا استحضار بعض الشواهد التاريخية التي حضر فيها الاجتهاد ومثلت فيها نتاجاته إضافات مهمة في الفقه الإسلامي ومن تلك الشواهد: اجتهادات الإمام علي (ع) في القضايا السياسية والعسكرية شهدت فترة تولي الإمام علي (عليه السلام) لمقاليد الخلافة الإسلامية عدداً من المستجدات العاصفة - لا سيما في الناحية السياسية - التي نجم عنها ظهور ثلاث جبهات معارضة للسلطة الشرعية التي يمثلها الإمام علي (عليه السلام) واضطرته إلى خوض ثلاثة حروب منفصلة مع كل منها وذلك فيما عرف بمعارك الجمل وصفين والنهروان.