11- ومن تلك التأصيلات أيضاً جواز تجزئ الأجتهاد، أي أنه بإمكان الفقيه أن يجتهد في بعض المسائل وفي بعض الفنون دون البعض الآخر الذي ليس له اهلية للاجتهاد فيه وهذا هو رأي الزيدية وبعض المالكية والظاهرية. 12- ومنها أنه يجوز للمجتهد المتأخر أن يراجع ما اجتهد فيه السلف إذا ما غلب على ظنه أن لديه للواقعة التي اجتهد فيها حكما مغايرا لحكمهم وله أجر اجتهاده، وذلك كالواقعة التي رواها البيهقي عن الحسن البصري ان عمر أرسل إلى امرأة مغنية يستدعيها وفي الطريق أصابها الطلق فأجهضت من الفزع ومات ولدها، فاستشار عمر الصحابة فأشار عليه بعضهم أن لا عليك شئ إنما أنت وال مؤدب فقال عمر للإمام علي عليه السلام ما تقول في ذلك، فقال الإمام علي عليه السلام: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأوا وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى أن ديته عليك، لأنك أنت الذي أفزعتها، فألقت ولدها بسببك، فأمر علياً عليه السلام أن يقيم عقلة في قريش : أي عاقلة لمولودها. * * * تلك النماذج (وغيرها كثير) هي جزء من التأصيلات الذاتية والموضوعية لعملية الاجتهاد والإفتاء بل والتقليد أيضاً.. ودلالة هذه التأصيلات واضحة في ارتباطها القوي بالدور التجديدي المفترض في عملية الاجتهاد. ويمكن هنا أن نضيف اشتراط الإمام الخميني رحمه الله لعنصري الزمان والمكان في عملية الاجتهاد وضرورة معرفة المجتهد بأحوال هذين العنصرين من حوله.. يقول الإمام الخميني: (الزمان والمكان عنصران حيويان في مسألة الاجتهاد فالمسألة التي حكم فيها بحكم معين في الماضي يمكنها في الحاضر أن تحكم بحكم جديد نتيجة الهيكلية الخاصّة بسياسة واجتماع واقتصاد نظام ما بمعنى أنه بالتدقيق بنوع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية للموضوع الأول - الذي يبدوا ظاهراً أنه لم يختلف عن الموضوع القديم - سيظهر أن الموضوع موضوع جديد يضطرنا إلى تقديم حكم جديد له).