وليس هذا موضع سرد لأسمائهم، فقد جمع شتات علوم هؤلاء العلامة إبراهيم النخعي، وآراؤه مدونة في آثار أبي يوسف، وآثار محمد ابن الحسن الشيباني. وتأسيساً على ما مر فإن رائد العلماء الأعلام جميعاً (منذ عهد الخلافة الراشدة وحتى يومنا هذا) الحق والوصول إليه، وأنهم (مع تعاقب الأزمان) قد اجتهدوا لأنفسهم ولغيرهم بإخلاص لا نظير له، وبجلد في البحث، وصبر على متاعبه، الأمر الذي صار مضرب الأمثال في حب العلم والتفاني في خدمة شرع الله، فإذا وجدنا بينهم اختلافاً في بعض الآراء والأفكار والاتجاهات، أو تعدد في القراءات وتفسير النصوص، فليس ذلك مبعث نزوة طارئة، أو خصومة ذاتية، أو رغبة في الخلاف، أو حباً للشقاق، ولكن هناك أسباباً اخر ادت إلى هذا الخلاف ولا تحمل هذه الأسباب أي معنى من المعاني التي تسيء إلى هؤلاء الفقهاء الأعلام بل على العكس من ذلك تؤكد حرصهم البالغ على معرفة الحق ونصرته والدفاع عنه، وتدل كذلك على ما كان يتمتع به هؤلاء الفقهاء من عمق الفهم واصالة البحث، وهذا لا ينفي ان هذا الخلاف قد ألبسه المقلدون والمتعصبون رداء من التحامل والتحزب والكيد في بعض العصور. وقبل الحديث عن أهم الأسباب التي اوجبت الاختلاف في الآراء بين الفقهاء والعلماء، تجدر الإشارة إلى ان هذا الاختلاف لا مجال له إلا في الأحكام الظنية دون القطعية، وذلك لأن الشريعة الغراء قد جاءت بنوعين من الأحكام هما: الأحكام القطعية: وهي التي ثبتت