عن الطريق المؤدي لتحقيق النهضة وإغناء ثقافة الأمة، والتصدي للتحديات الحضارية والثقافية التي تستهدف كيانها ومكونات هويتها. والأثر الذي تحدثه الفرقة والانقسام والتصادم الداخلي والتنابز بالألقاب وإتهام كل فريق للفريق الآخر بالقصور والجمود والتبعية هو أكثر خطورة وأعظم ضررا، وهذه الظاهرة تدل على عجز مفكري هذه الامة ورموزها الفكرية عن التلاقي والتفاهم، وإيجاد قنوات سلمية للحوار، مفيدة ومحصنة بدروع الإخلاص، لخدمة هذا الفكر والنهوض بأمره.. فالتجديد مطلب ملح ولا خيار لنا في رفضه، فالفكر في مسيرته يتجدد بتجدد الأجيال، ويستمد من كل جيل رؤيته لقضاياه الفكرية، ويثري بذلك رصيده الموروث، ورؤية الأجيال لقضاياها الفكرية هي نتاج ذلك التفاعل بين الإنسان بمكوناته العقلية المؤثرة في تصوراته وبين ذلك الموروث الثقافي والتربوي والأخلاقي الذي يوجه ذلك التصور ويتحكم في مساره، ويؤدي ذلك التفاعل إلى رؤية فكرية معاصرة، قوامها ذلك الموروث الثقافي الذي يرضع الطفل لبانه منذ طفولته المبكرة وامتدادها ذلك الفضاء الذي يحيط بالإنسان في حياته المعاصرة. وتختلف ثقافتنا باختلاف المكونات التي تسهم في صياغة ملامحها، والموروث مصدر مهم لتلك الثقافة، ولا خيار لنا إلا أن نتأثر به، بطريقة فطرية وتلقائية ولو قمنا باختبار تربوي لمعرفة أثر الموروث الثقافي في صياغة فكر الإنسان لاكتشفنا أثر ذلك بطريقة واضحة، وبـإمكاننا أن نختار شقيقين، ونربيهما في محيطين اجتماعيين مختلفين في ثقافتهما، وسوف نكتشف أثر الثقافة المحيطة بكل منهما في فكره وسلوكه وقيمه واختياراته. والعقول البشرية التي تعتبر المصدر الأهم للمعرفة ليست سواء، وهي متفاوتة في قدراتها وفي تكوينها وتختلف بحسب المؤثرات التي تسهم في صياغة تصورها وإدراكها للمعارف والأفكار.