قد تدخل هذه النقطة في النقطة السابقة أو تكون مستقلة عنها، وفى كلا الحالتين، فانّ لولى الأمر صلاحية تعطيل الحدود في القضاء لعدم وجود مصلحة في اقامتها أوان الظروف لا تسمح بذلك. فمثلاً تعطيل حد قطع يد السارق في ظروف المجاعة وفي ظروف الاضطرار الشديد، أو في ظروف القتال والجهاد حيث انّ الظروف تستدعى عدم التفريط بأي قوة تساهم في اضعاف العدو. ومنطقة الفراغ في التشريع هي منطقة الأحكام المتغيرة، وكما جاء في رأي السيد محمد حسين الطباطبائي حيث يقول: (الأحكام المتغيرة في الإسلام، تلك الأحكام التي تعتبر بمثابة منطقة الفراغ في التشريع على الوالي أن يسدها تبعاً لمتطلبات الظروف الزمانية والمكانية. وهذا التغيّر يلبى احتياجات الإنسان المتطورة دون أن يطرأ أى تغيير على الأحكام الثابتة في الإسلام).(58) ومنطقة الفراغ التشريعى مصطلح جديد ولعلّ السيد الشهيد محمد باقر الصدر أول من استعمله، وهذا المصطلح له مماثل في استعمال فقهاء المذاهب يقع تحت عنوان (المصالح المرسلة)، فروح المصطلحين واحدة حيث يبعثان في المساحات التي لم تحدد فيها أحكام وترك أمر وضع الاحكام لها لولي أمر المسلمين، مقدراً للظروف والمصالح المتعلقة بها والتي تتبدل وتتغير تبعاً للظروف والاوضاع، ويبقي الاختلاف بين المصطلحين في حدود التحليل والاستدلال والصياغة. وما يستنبط من أحكام في منطقة الفراغ التشريعى يعتبر من الأحكام التدبيرية وليس من الاحكام الالهية، وتدخل في الاحكام الالهية بابداء عناية اضافية وهي الاوامر الالهية الداعية لطاعة ولي الأمر في حدود صلاحياته التي حدّدها الله تعالي له. الاجتهاد وفق المتغيرات الزمانية والمكانية اثبت الواقع انّ للتغيرات الزمانية والمكانية تأثيراً على حركة الاجتهاد، وانّ كثيراً من القضايا قد اعيدت قراءتها تبعاً لهذه المتغيرات، وغالباً ما يكون التغير منصباً على الموضوعات فتتغير الأحكام تبعاً لتغير الموضوعات.