ومكان، وانه قادر على مواكبة حركة الإنسان والمجتمع ووضع الموازين والمعايير المتجددة التي تساهم في إسعاد الانسانية جمعاء. والاجتهاد يجذّر ويعمّق العلاقة بين الإنسان المسلم وبين المنهج والتشريع الاسلامى حيث يجده منهجاً وتشريعاً واقعياً منسجماً مع فطرة الإنسان ومع حاجاته المتنوعة، فلا يعطلها ولا يلغيها ولا يحملها ما لا تطيق. والاجتهاد ينفى الجمود والتحجر والتقوقع عن الإسلام منهجاً وتشريعاً، ويجعله مواكباً لكل العصور ولكل البقاع، بل يجعله خالداً مع الإنسان يتطور بتطوره إلى قيام يوم الدين مع الحفاظ على الثوابت العقائدية والمفاهيم والقيم والموازين التي لا تتغير بتغير الأزمان والأماكن، وبالاجتهاد يتم التوازن بين الثابت والمتغير، أو بين الثبات والمرونة. ويتطرق السيد محمد باقر الصدر إلى فوائد الاجتهاد فيقول ما نصّه: تمكين المسلمين من تطبيق النظرية الإسلامية للحياة؛ لانّ التطبيق لا يمكن أن يتحقق ما لم تحدد حركة الاجتهاد معالم النظرية وتفاصيلها، ولكى ندرك أبعاد الهدف بوضوح يجب أن نميّز بين مجالين لتطبيق النظرية الإسلامية للحياة: أحدهما: تطبيق النظريّة في المجال الفردي وبالقدر الذي يتّصل بسلوك الفرد وتصرّفاته. والاخر: تطبيق النظرية في المجال الاجتماعي وإقامة حياة الجماعة البشرية على أساسها بما يتطلبه ذلك من علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية.(41) ويقول أيضاً: الاجتهاد هو الوسيلة التي يتاح لفقهاء المسلمين باعمالها أن يطبعوا الحياة الانسانية بطابع الإسلام حيثما كان له سلطان. وهكذا فالاسلام خالد متطور؛ خالد في مبادئه واحكامه في الكتاب العزيز والسنة المعتبرة ومتطور في أحكامه الثانوية لم يقيدنا الشارع فيها بنهج خاص واسلوب مخصوص، وفيما ورد فيها حكم عام يتسع لما يطرأ على الواقعة الخاصة من اشكال مختلفة.(42)